لو جاز التعويل عليه في اللغات ، لمنع الملازمة بين ما اقتضاه علّة وفعل الواضع بمعنى جعل اللفظ لمطلق ما فيه الوصف ، فإنّ المعلوم إجمالا في لفظ « الخمر » مثلا إنّه قد وضع البتّة ، وكما يمكن كونه بإزاء مطلق ما فيه الوصف ، كذلك يمكن كونه بإزاء المورد الخاصّ باعتبار هذا الوصف.
ومرجعه إلى إمكان أخذ الوصف علّة تامّة له وإمكان أخذه جزءا للعلّة ، والمقام بالنظر إلى اعتبار الواضع ولحاظ الوضع محتمل لكلّ منهما ، واللفظ قابل لهما على وجه السويّة ، والدوران لا ينافي شيئا منهما بل يجامع الوجه الثاني كما يجامع الوجه الأوّل ، التفاتا إلى أنّ الشيء كما ينتفي بانتفاء علّته التامّة فكذا ينتفي بانتفاء جزء علّته ، ومن الجائز كون مجموعي الوصف وخصوصيّة المحلّ علّة.
وملخّصه : منع وجود التسمية مع وجود الوصف كيفما اتّفق وحيثما تحقّق ، بل غاية ما علم أنّها توجد حيثما اجتمع الوصف والخصوصيّة ، وإلى هذا البيان ينحلّ ما في كلام غير واحد من هدم الاستدلال بقلب الدوران ، بأنّ التسمية دارت مع الوصف والمحلّ وهو ماء العنب في المثال ، فإنّ المجموع إذا وجد وجدت التسمية وإذا انتفى انتفت ، فالعلّة مركّبة.
وبالجملة : فالدوران أعمّ ممّا قصد إثباته به ، من وضع اللفظ لمطلق ما فيه الوصف ، ولا يعقل نهوضه دليلا على الأخصّ فلا يفيد علما ولا ظنّا.
وأيضا فإمّا أن يراد به اعتبار الوصف علّة تامّة للوضع بمعنى جعل الواضع ، المستتبع لاختصاص اللفظ بالمعنى ، على معنى كونه الجهة الباعثة على الوضع والحكمة الداعية إليه لا غير ، أو اعتباره علّة تامّة له بمعنى مجرّد الاختصاص الّذي ليس من آثار الوضع بالمعنى الأوّل ، وأيّا ما كان فهو باطل ، لقصوره عن إفادة العلّية على الوجه الأوّل ، بملاحظة أنّ الواجب على الحكيم إنّما هو مراعاة حكمة مرجّحة لفعله الاختياري ، لكن الحكم قد تتعدّد وفي موضع التعدّد قد تتفاوت ظهورا وخفاء ، ومن الجائز أن يعتبر من الحكم ما دعاه إلى وضع اللفظ على الوجه الأوّل ، وقد صادف الوصف الموجود في المحلّ من باب مجرّد