اللفظ ـ ويسمّى تارة بالمنافرة ، واخرى بالمناقضة ، وثالثة بالمعارضة ـ دون الاخرى كما في « الأسد » المستعمل تارة في الحيوان المفترس والرجل بالقياس إلى قرينتي « يرمي » و « يفترس ».
وقد يفسّران أيضا بمنافرة اللفظ عن المعنى المستعمل بحيث اخذ الفرار منه إذا استعمل فيه وعدمها ، كما في المفرد المعرّف باللام بالنسبة إلى عهدي الذهني والخارجي ، فيحكم بمجازيّة الأوّل لمكان المنافرة وحقيقيّة الثاني لمكان عدمها.
ويشكل ذلك : بأنّ المنافرة وعدمها بكلّ من المعنيين وإن كانا من الآثار الواقعيّة المترتّبة على الوضع وانتفائه في نظر أهل اللغة العالمين بهما ، غير أنّه في مقام استعلام الحقيقة والمجاز بهما لا يترتّب عليهما أثر ، لعدم مبرز لهما باعث على انكشافهما في نظر الجاهل المستعلم ، كما يظهر وجهه بأدنى تأمّل.
ثالث عشرها : مخالفة صيغة جمع لفظ مستعمل في معنيين ، أحدهما المشكوك في حاله ، لصيغة جمعه عن الآخر المتبيّن حاله من حيث الحقيقة ، كما في « الأمر » الّذي يجمع « أوامر » من القول المخصوص الّذي هو حقيقة فيه ، و « امور » من الفعل المختلف في كونه حقيقة أو مجازا ، فيدلّ ذلك على كونه مجازا في الثاني.
وقد يقرّر بكون ذلك آية انتفاء الاشتراك المعنوي لغلبة الاتّحاد والموافقة في صيغة الجمع ، فيرجع الأمر إلى دورانه بين الاشتراك اللفظي الّذي يندفع بالأصل والمجاز الّذي هو خير منه ، فيتعيّن.
ولا يخفى ضعف هذا التقرير ووروده على خلاف ما هو مذكور في كتب أهل الفنّ ، فلنبحث على ما في كتبهم.
فنقول : إنّ الملازمة ممنوعة لضرورة العلم بتخلّف كلّ من الطرفين عن صاحبه أعني العلامة وذيها ، فليست منعكسة ولا مطّردة كما يرشد إليه التتّبع ، وكأنّ التوهّم نشأ في هذا اللفظ عن اتّفاق مصادفة الاختلاف في صيغة الجمع لمجازيّة المستعمل فيه من باب المقارنة الاتّفاقيّة ، فذهب إلى الوهم إنّه من جهة ملازمة واقعيّة بينهما ، على معنى أنّ كلّ مجاز يلزمه مخالفة صيغة جمعه لصيغة جمع حقيقته ، وهو كما ترى.