رابع عشرها : امتناع الاشتقاق : المعدود من خواصّ المجاز ، وتحريره على ما في نهاية العلاّمة (١) إنّ الاسم إذا كان موضوعا لصفة ولا يصحّ أن يشتقّ للموصوف بها اسمه منه مع عدم المنع من الاشتقاق دلّ ذلك على كونه مجازا ، وذلك كما في لفظ « الأمر » فإنّه لمّا كان حقيقة في القول المخصوص اشتقّ منه « الآمر » و « المأمور » ولمّا لم يكن حقيقة في الفعل لم يوجد فيه الاشتقاق.
ويضعّفه : ـ كما فيها ـ عدم دلالة المثال على العموم ، وبالجملة يتطرّق المنع إلى الملازمة في هذه العلامة أيضا باعتبار انتقاضها عكسا وطردا كما لا يخفى ، وإنّما دخل كون ذلك علامة في الوهم اتّفاق مصادفة عدم الاشتقاق هنا لمجازيّة المستعمل فيه من باب مجرّد المقارنة.
وممّا يفصح عن فساد ذلك التوهّم إنّه لو كان امتناع الاشتقاق من لوازم المجاز وآثار انتفاء الوضع ، لقضى بامتناع المجاز التبعي في الأفعال ، كما في « قاتل » و « مقتول » وغيرهما من مشتقّات « القتل » إذا أخذ بمعنى الضرب الشديد ، وهو كما ترى.
خامس عشرها : أصالة الاستعمال ، المعدود في قول من طرق كون اللفظ حقيقة في المعنى المستعمل فيه.
واعلم : أنّ الاستعمال على ما في الكتب الاصوليّة يلحقه البحث بجهات ، فقد ينظر فيه لاستعلام حال المتكلّم من حيث إنّه أراد من اللفظ معناه الحقيقي أو المجازي ، فيقال : إنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة ، كما في مواضع أصالة الحقيقة بالمعنى المسلّم المتّفق عليه المعمول بها لتشخيص المراد بعد تبيّن حال اللفظ من حيث الحقيقيّة والمجازيّة ، وقد ينظر فيه لاستعلام حال اللفظ من حيث إنّه حقيقة في المعنى المستعمل فيه المعلوم ، وله بهذا الاعتبار عناوين ثلاث :
أحدها : الاستعمال المجرّد عن القرينة ، المقصود منه إفهام ما في الضمير وإفادة حقيقة المراد.
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : ... ( مخطوط ).