ويمكن إرجاع هذه الصورة إلى مسألة الدوران بين النقل والمجاز ، وأصالة عدم النقل تعيّن المجاز ، ولزمه بقاء الاشتراك اللغوي.
الصورة الثانية والثالثة : تعارض الاشتراك أو النقل والمجاز ، فإن اريد بالمجاز هنا كون اللفظ مجازا في أحد المعنيين المستعمل فيهما اللفظ ، قبالا لكونه مشتركا بينهما أو منقولا إليه ـ ومرجعه إلى تعارض حالتين من أحوال اللفظ ـ وجب ترجيح المجاز ، أمّا في الاشتراك فقد اتّضح وجهه مشروحا في مباحث الاستعمال.
وأمّا في النقل فلأصالة عدم النقل ، ولا يعارضها أصالة عدم القرينة وغيرها من لوازم المجاز لورودها عليها ، ويؤكّدها شيوع المجاز وقلّة المنقول.
وقد يستدلّ أيضا بتوقّف النقل على اتّفاق أهل اللسان على تغيير الوضع ، وهو متعذّر كما في النهاية (١) أو متعسّر كما في العميدي (٢) بخلاف المجاز الّذي يتوقّف على وجود العلاقة كما في الثاني ، أو قرينة صارفة عن الحقيقة كما في الأوّل ، وهو متيسّر ولا يخفى ضعفه.
وإن اريد به التجوّز في لفظ قبالا لاحتمال الاشتراك أو النقل في آخر مع كونهما مأخوذين في الكلام ، كما في قوله تعالى : ( لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ )(٣) حيث إنّ إرادة العقد من « النكاح » والتحريم من الصيغة تفضي إلى مخالفة الإجماع من تحريم المعقود عليه بالعقد الفاسد ، فلا بدّ من الالتزام بالتجوّز في النهي بإرادة القدر الجامع بين الحرمة والكراهة ، أو باشتراك النكاح بين العقد والوطء مع إرادة الواطئ منه بقرينة الإجماع المذكور ، أو بكونه منقولا من العقد إلى الواطئ فاريد منه الوطء لأنّه الحقيقة بعد النقل.
ومرجعه إلى تعارض حالتين : إحداهما من أحوال اللفظ ، والاخرى من
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ٢٧ ( مخطوط ).
(٢) منية اللبيب في شرح التهذيب : ( مخطوط ).
(٣) النساء : ٢٢.