أحوال الاستعمال ، وحيث إنّ وقوع الاشتراك أو النقل في لفظ « النكاح » وغيره من نظائره ممّا لم يقم عليه أمارة معتبرة ، فينفى احتماله بأصالة عدم الاشتراك وأصالة عدم النقل ، ويتعيّن معه التجوّز في اللفظ الآخر.
لا يقال : إنّ احتمال التجوّز أيضا ينفيه أصالة الحقيقة ، فالأصلان المذكوران يعارضهما أصالة الحقيقة ، لأنّ أصالة الحقيقة لكونها من الاصول المشخّصة للمراد لا تصلح لمعارضة الأصلين ، لكون الاصول المحرزة لحال اللفظ واردة على الاصول المشخّصة للمراد ، الّتي اخذ في موضوعاتها خلاف مقتضيات الاصول المحرزة لحال اللفظ ، فإنّ أصالة الحقيقة في لفظ النهي في المثال قد اخذ في موضوعها ولو بحكم الفرض من جهة القرينة في القضيّة الشخصيّة ، وقوع الاشتراك أو النقل في لفظ « النكاح » ، وإذا نفي احتمال وقوعهما بالأصلين ارتفع به موضوع أصالة الحقيقة ، ومعه لا معنى لتوهّم المعارضة بينها وبينهما.
وأيضا أصالة الحقيقة بمعنى ظهور اللفظ في إرادة الحقيقة إنّما تنهض حيث لم يطرأه ما يوجب إجماله ، والقرينة المردّدة بين كونها معيّنة لأحد معنيي المشترك أو صارفة للّفظ الآخر عن حقيقته كالإجماع ونحوه ، أوجبت إجماله ، فلا ظهور للحقيقة حينئذ حتّى يعارض به الأصلان ، وإذا نفي احتمال الاشتراك أو النقل بهما انتفى عن هذه القرينة احتمال كونها معيّنة أو مؤكّدة ، وبعد تعيّن كونها صارفة لا معنى لأصالة الحقيقة معها.
الصورة الرابعة والخامسة : تعارض الاشتراك والتخصيص أو النقل والتخصيص كما في المثال المتقدّم ، إذا فرض دوران الأمر بين التصرّف في قوله [ تعالى ] : ( ما نَكَحَ آباؤُكُمْ )(١) بطريق التخصيص ، بناء على كون الموصول من أدوات العموم بإخراج المعقود عليه بالعقد الفاسد عن العموم ، والالتزام باشتراك النكاح بين العقد والوطء ، أو نقله إلى الوطء.
__________________
(١) النساء : ٢٢.