الاشتراك على النسخ ، وكونه ممّا يثبت بأيّ دليل ظنّي اقيم عليه بخلاف النسخ الّذي لا يثبت إلاّ بدليل شرعي ، بل ربّما يعتبر فيه ما يزيد على ما اعتبر في دليل سائر الأحكام ، وبأنّ غاية ما يلزم من الاشتراك ، الإجمال أحيانا بخلاف النسخ. فإنّ قضيّته إبطال العمل بالدليل السابق ، وفي الكلّ ما ترى.
واعترض عليه الفاضل المذكور ، بأنّه لا وجه لإثبات الوضع بهذه الوجوه الموهونة من غير قيام شاهد عليه من النقل أو الرجوع إلى لوازم الوضع ونحو ذلك ممّا يوجب ظنّا به ، فقال : إنّ الأظهر عدم ثبوت اشتراك اللفظ بين المعنيين بمجرّد رفع احتمال النسخ في مورد مخصوص ، ولا الحكم بثبوت النسخ هناك أيضا.
وقضيّة ذلك التوقّف في حكمه ، وإن كان البناء على حمله على معناه الثابت والحكم بكون الثاني ناسخا لا يخلو عن وجه. انتهى (١).
وفيه : إنّ الاشتراك على تقدير الالتزام به لا يثبت بمجرّد رفع احتمال النسخ ولا بغيره من الوجوه المذكورة ، بل بحكم الفرض من وقوع إحدى الحالتين مع تبيّن عدم تجوّز المتكلّم في الخطاب الأوّل بالقياس إلى المعنى الثاني ، فلم يبق بعد نفي احتمال النسخ مناص من الالتزام بالاشتراك.
وفي كلام بعض الأفاضل التعليل لترجيح النقل ـ كما احتمله وحكى اختياره عن المنية ـ بكثرة النقل بالنسبة إلى النسخ ، معترضا عليه : بأنّ بلوغ كثرة النقل وقلّة النسخ إلى حدّ يورث الظنّ بالأوّل غير معلوم ، لطريان النسخ كثيرا على الأحكام العاديّة والشرعيّة ، فقال : « إنّ قضيّة ثبوت المعنى الأوّل وعدم ثبوت الثاني هو البناء على النسخ أخذا بمقتضى الوضع الثابت » انتهى (٢).
وفيه : ما فيه بعد البناء على الترجيح بالأصل كما عرفت مشروحا.
هذا تمام الكلام في صور تعارض حالتين إحداهما من أحوال اللفظ.
وأمّا صور تعارض حالتين كلتيهما من أحوال الاستعمال ، الّذي مرجعه إلى تعارض الظاهرين.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٦٥.
(٢) المصدر السابق : ٦٧.