الإضمار بنحو ما ذكر في غير محلّه ، لوضوح أنّ الامور المذكورة إنّما تصلح مرجّحة لملزومها إذا كان مع معارضه من أحوال اللفظ لا مطلقا.
كيف وحصول الوضعين والعلاقة المصحّحة للتجوّز فيما يحتمل التجوّز من شروط موضوع المسألة ، ضرورة امتناع التجوّز مع انتفاء هذه الامور كلاّ أم بعضا ، فهي على تقدير كون الحالة الواقعة هو الإضمار متيقّن الحصول ، فلا يمكن نفيه بكون المجاز ملزوما لها.
فالوجه في الترجيح النظر في إحراز الأظهريّة ، والظاهر انتفاء الأظهريّة هاهنا ، فمعنى تساوي الحالتين تساوي ما يحتمل الإضمار وما يحتمل التجوّز في مرتبة الظهور ، مع عدم قيام ما يوجب قوّة في ظهور أحدهما وضعفا في الآخر ، من شيوع وغلبة وقوع في الخارج.
وعليه فيستحيل الترجيح ، وحينئذ فإن لم يختلف الحكم الشرعي باختلاف الحالتين المتعارضتين كما في المثال فلا كلام ، وإلاّ فلا بدّ من مراعاة ما يرجّح أحدهما من القرائن الجزئيّة الغير المنضبطة ، أو الوقف في حال الخطاب والأخذ بالاصول العمليّة ـ كلّ في مورده ـ إحرازا لكيفيّة العمل.
ورابعتها : تعارض المجاز والنسخ ، كما في قوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ )(١) الظاهر في وجوب البدءة في غسل اليدين من رؤوس الأصاب والانتهاء إلى المرافق مع ما دلّ من إجماع أو رواية قطعيّة الصدور على أنّ تكليفنا اليوم البدأة من المرافق والانتهاء إلى الأصابع ، فالآية محتملة حينئذ لنسخ الحكم الأوّل فيكون ذلك الدليل ناسخا ، أو للتجوّز في كلمة « الانتهاء » بإرادة الابتداء منها ، فيكون ذلك الدليل من باب البيان.
ولا يضرّ كونه هو الإجماع باحتمال البيانيّة ، نظرا إلى جواز تأخّر انعقاده عن زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله بل عصر الأئمّة عليهمالسلام أيضا ، فيلزم تأخّر البيان عن وقت الحاجة ،
__________________
(١) المائدة : ٦.