غلبة المطابقة بين العرف واللغة ، وإنّ النادر ممّا لا يلتفت إليه في محلّ الشكّ ، وهذا بمجرّده لا يقضي باستقرار طريقتهم على تقديم العرف في محلّ تبيّن المخالفة كما لا يخفى.
ودعوى استقرارها على حمل الخطاب على متعارفهم حتّى مع تبيّن المخالفة ، ممّا لم نقف على شاهد عليه كما لا يخفى ، وبجميع ما عرفت يظهر لك ضعف مستند الوقف.
المسألة الثانية
تعارض عرفي المتكلّم والمخاطب
المعبّر عنه تارة بتعارض عرفي الراوي والمرويّ عنه. واخرى بتعارض عرفي السائل والمسؤول ، كما في لفظ ثبت له معنى عند طائفة من أهل اللسان ومعنى آخر عند طائفة اخرى ، ووقع المخاطبة به بين متكلّم هو من إحدى الطائفتين ومخاطب هو من الطائفة الاخرى ، ومثّل في الكتب الاصوليّة « بالرطل » الوارد في رواية ابن أبي عمير (١) الواردة في تحديد الكرّ بألف ومائتي رطل ، باعتبار أنّ « الرطل » مقول بالاشتراك على العراقي وهو مائة وثلاثون درهما ، والمدني وهو مائة وخمسة وتسعون درهما ، مع وقوع التخاطب به في الرواية بين أبي عبد الله عليهالسلام الّذي هو من أهل المدينة ، وابن أبي عمير الّذي هو من أهل الكوفة ، فيتعارض فيه العرفان.
وفي كون هذا التعارض باعتبار دوران اللفظ بين حقيقته ومجازه ، بتقريب : إنّ حقيقة اللفظ الّذي استعمله المتكلّم إنّما هو مصطلحه لأنّه معناه الموضوع له عنده ، بخلاف مصطلح المخاطب فإنّه خلاف المعنى الموضوع له عنده فيكون مجازا للّفظ المفروض ، كما يقتضيه احتجاج بعض القائلين بترجيح عرف المتكلّم بأنّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣ الطهارة ب ٢ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٤١ / ١١٣ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٥ ، الوسائل ١ : ١٦٧ أبواب الماء المطلق ب ١١ ح ١.