وأمّا في غيره كما لو لم يعلم السامع أنّ للمتكلّم اصطلاحا آخر أو لم يعلم المتكلّم أنّ للسامع اصطلاحا آخر فلا يتصوّر التعارض بينهما ، لتعيّن حمله في الأوّل على عرف السامع حذرا عن الإغراء بالجهل.
وفي الثاني على عرف المتكلّم حذرا عن التكليف بالمحال ، لأنّ إرادة ما لا يعلمه المتكلّم من اللفظ محال.
ومرجع الكلام في الترجيح على أنّ الثابت في مجاري العادات والمحاورات عند اختلاف عرفي المتكلّم والمخاطب ، هو أن يعوّلا على أصالة الحقيقة التابعة لعرف المتكلّم مطلقا ، أو على التابعة لعرف المخاطب كذلك ، أو يختلف ذلك باختلاف الموارد أو الألفاظ أو غير ذلك ، فيه خلاف على أقوال فعن السيّد (١) ترجيح عرف المتكلّم مطلقا ، واختاره جماعة من أجلّة الأعلام.
وعن العلاّمة في المختلف (٢) ترجيح عرف المخاطب مطلقا ، وقيل بأنّ له تبعة من الأصحاب ، منهم الشهيد الثاني.
وفي كلام محكيّ عن الذخيرة (٣) الحكم بأقربيّة عرف بلد التكلّم ، إلاّ أنّه خصّه بالأوزان.
وعن جماعة منهم صاحب المدارك (٤) الوقف ، وقد يحكى أقوال اخر كتقديم عرف بلد السؤال إذا وافق عرف السائل ، وتقديمه أيضا إذا وافق عرف المسؤول وتقديمه أيضا إذا وافق عرف أحدهما.
ومن الأجلّة من قسّم المتكلّم والمخاطب بالأقسام الأربعة الآتية ثمّ قطع بتعيين عرف المتكلّم مع جهالة التعدّد مطلقا ، وكذلك تعيين عرف المخاطب مع
__________________
(١) وهو السيّد المرتضى رحمهالله حكى عنه في الذخيرة : ١٢٢.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ١٨٦ حيث قال ـ في بحث حدّ الكرّ ـ : إنّه لا اعتبار ببلدهم عليهمالسلام بل ببلد السائل ...
(٣) الذخيرة : ١٢٢ حيث قال : « ... والأقرب أنّ الأوزان إنّما يحمل على بلد السؤال كما لا يخفى على من تتبّع مجاري العادات ... ».
(٤) مدارك الأحكام ١ : ٤٨.