[٤٧] قوله : (لا ريب في وجود الحقيقة اللغويّة والعرفيّة ... الخ)
قد عرفت أنّ الحقيقة باعتبار الوضع المأخوذ فيها تنسب إلى ما نسب إليه واضعها ، فتنقسم بهذا الاعتبار إلى اللغويّة ، والعرفيّة العامّة والخاصّة ، والشرعيّة ، وإفراد الشرعيّة مع أنّها قسم من الخاصّة ، لشرفها واختصاصها بمزيد بحث.
ولا ريب في وجود اللغويّة والعرفيّة الخاصّة ، كما لا إشكال في وجود العرفيّة العامّة ، والقول بعدم وجودها لكونه ـ مع شذوذه ـ قاطعا لما ثبت بضرورة من العرف واضح الضعف ، فلا ينبغي الالتفات إليه كما لم يلتفت إليه المصنّف.
وربّما يشكل الحال في التقسيم المذكور باعتبار قصوره بظاهر لفظه عن شموله للحقائق الموضوعة بوضع التعيّن ، لظهور الواضع المأخوذ فيه طرفا للنسبة في موجد الوضع وفاعله.
ويساعد عليه وضع اسم الفاعل للذات المتّصفة بالمبدأ من حيث وقوعه وصدوره منه ، فلا يصدق على غلبة الاستعمالات المجازيّة الموجبة لوضع التعيّن. وقضيّة ذلك عدم اندراج ما وضع بهذا الوضع في التقسيم.
ويمكن الذبّ عنه : بأنّ الاقتصار في التقسيم على الحقائق الموضوعة بوضع التعيين ليس إهمالا في الحقائق الموضوعة بوضع التعين ، بل إحالة للأمر فيها إلى اتّضاحه من تقسيم الحقائق الموضوعة بوضع التعيين ، فإنّه إذا علم أنّها تنسب إلى ما نسب إليه واضعها فيعلم أنّ الحقائق الموضوعة بوضع التعيّن تنسب إلى ما نسب إليه مستعمليها ، فتنقسم إلى الأقسام المذكورة.
ويمكن الذبّ أيضا : بحمل الواضع على ما يعمّ فاعل الوضع والمستعمل ، أعني القدر الجامع بينهما ، وهو الّذي يستند إليه الوضع بمعنى التعيّن ، إمّا بتعيينه أو استعمالاته المجازيّة.
وإن شئت قلت : إنّه يراد بالواضع سبب الوضع ، وهو أعمّ من فاعله والاستعمالات المجازيّة ، وإطلاق المشتقّ على سبب وجود الحدث كثير شائع في كلامهم ، ومنه ما في كلام الفقهاء من إطلاق الموجب على الأحداث الست