المنفرد ، لانتفاء الدعاء الّذي هو ذكر لفظي عنه ، وعدم اتّباعه بحكم الفرض ، وعدم محاذاة رأسه لعظم ورك من يتقدّم عليه في صفوف الجماعة ، على ما قيل من أنّها تأتي لعظم الورك ، وإنّما يسمّى المصلّي مصلّيا لمحاذاة رأسه عظم ورك غيره في الجماعة ، وكأنّه مبنيّ على زعم أن ما ينكره القاضي إنّما هو الاستعمال بالمعنى الأعمّ ـ حسبما احتملناه سابقا ـ وإلاّ فغير جيّد ، لإمكان التفصّي عنه بأنّ الصدق إن اريد به ما هو كذلك في عرف المتشرّعة فمسلّم ولكنّه غير مجد ، وإن اريد به ما هو كذلك في عرف الشارع فغير ثابت.
وقد يدفع هذه المقالة بأنّ بطلانها على القول بالحقيقة الشرعيّة واضح ، فإنّ « الصلاة » اسم لهذا المركّب ، وكذا الغسل والوضوء ، فكيف يحملها على الدعاء والغسل بفتح العين المعجمة ، وعلى القول بعدمها فبعد وجود القرينة الصارفة عن اللغوي لا بدّ أن يحمل على الشرعي لكونه أشهر مجازاته وأشيعها ، وكأنّه مبنيّ على إرجاع كلام القاضي إلى نفي الثمرة ، وإلاّ فقد عرفت أنّه لا يقول بشيء من الحقيقة والمجاز بالنسبة إلى المعاني الشرعيّة ، وحينئذ فالوجه المذكور ليس بسديد جزما.
[٤٩] قوله : (فذهب إلى كلّ فريق ... الخ)
واعلم أنّ المعروف المشهور بين الاصوليّين من العامّة والخاصّة في محلّ الخلاف من النزاع الثاني قولان ، الإثبات مطلقا والنفي كذلك ، كما أنّ المعروف من هذين القولين هو الإثبات مطلقا ، حتّى أنّ القول بالنفي المطلق لم ينسب في أكثر الكتب الاصوليّة إلاّ إلى القاضي.
ومنهم من أضاف إليه شرذمة اخرى من العامّة ، بل لم يعرف من أصحابنا القول بالنفي كذلك ، عدا المصنّف حيث رجّحه في آخر كلامه بعد ما زيّف حجج الطرفين ، بل في كلام بعض الأجلّة : إنّ ظاهر الاصوليّين الاتّفاق على القولين المذكورين.
وعن بعضهم التصريح بأنّه لا ثالث لهما ، وعن جماعة من متقدّميهم ومنهم