المقدّمة السابعة : في تحقيق أقوال المسألة ، والإشارة إلى ما يصلح أصلا فيها.
أمّا الأقوال : فالحقّ منها ـ تحصيلا ونقلا ـ قولان : الصحيحة مطلقا كما نسب إلى جماعة من الخاصّة والعامّة ، وربّما عزى إلى أكثر المحقّقين.
وقد يدّعى فيه الشهرة ، والأعمّ كذلك كما صار إليه جماعة من متأخّري المتأخّرين.
ويظهر من الأوائل ممّن تمسّك في المسائل المتعلّقة بماهيّات العبادات بأصل البراءة ، كالعلاّمة وصاحب المدارك ونظرائهما.
وقد اشتهر قول ثالث وهو التفصيل بين الأجزاء فالصحّة والشرائط فالعموم ، والمعروف في الألسنة نسبة هذا القول إلى العلاّمة البهبهاني ، وفي النسبة ما عرفت.
فهذا القول إمّا لا أصل له أو قائله ليس بمعلوم.
وقد يحكى قول رابع عن الشهيد في القواعد ، وعبارته : « إنّ الماهيّات الجعليّة كالصلاة والصوم وسائر العقود لا تطلق على الفاسدة إلاّ الحجّ ، لوجوب المضيّ فيه ، فلو حلف على ترك الصلاة أو الصوم اكتفى بمسمّى الصحّة وهو الدخول فيها ، فلو أفسدها بعد ذلك لم يزل الحنث ، واحتمل عدمه لأنّه لا يسمّى صلاة شرعا ولا صوما ، وأمّا لو تحزّم في الصلاة أو دخل في الصوم مع مانع لم يحنث قطعا ». انتهى (١).
وهي لكثرة ما يجري فيها من وجوه الاحتمال لا تكاد تدلّ على ما استظهروه منها لا صراحة ولا ظهورا ، لابتناء دلالتها على أضعف هذه الوجوه ، مع عدم خلوّ شيء منها عن شيء :
منها : كون المراد بالمنفيّ سنخ الإطلاق المتناول لكلّ من وجهي الحقيقة والمجاز ، ويفسده : أنّه نظير إنكار ما هو كالضروري في عرف المتشرّعة ، وأطبق عليه الفريقان من ورود إطلاقها على الفاسدة حتّى في لسان الشارع ولو على وجه المجاز ، كما يزعمه أصحاب القول بالصحيحة.
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ١٥٨ القاعدة ٤٢ الفائدة ٢.