ولا ريب أنّ الحالف بمجرّد شروعه على العمل الّذي حلف على تركه جامعا للامور المعتبرة فيه من الشرائط يصدق عليه عرفا إنّه قد خالف الحلف ، وهذا معنى لزوم الحنث ، وإن أفسد العمل بعد ذلك ، ووجه العدم إنّه عبارة عن مخالفة الحلف بحسب الواقع.
وفرق واضح بينها وبين الحكم بالمخالفة ، وإنّما يلزم المخالفة الواقعيّة على تقدير إتمام العمل المحلوف على تركه على وجهه ، لكون مسمّى اللفظ الّذي تعلّق به الحلف هو تمام العمل.
والّذي تحقّق في الصورة المفروضة من المكلّف بعض العمل ، وهو ليس من مسمّى اللفظ في شيء ، حيث لا يسمّى صلاة ولا صوما شرعا ، فالمخالفة الواقعيّة حينئذ غير متحقّقة.
ولا ينافيه صدق القضيّة أوّلا بمجرّد الدخول في نظر العرف ، لأنّه حكم بالمخالفة ، وإنّما يصدر من العرف اعتمادا على ظاهر الحال من أنّ الفاعل إذا أقدم على فعل أتمّه ، وحينئذ فإذا طرئه القطع والفساد يكشف عن ورود الحكم الأوّل في غير محلّه.
فالحكم بالمخالفة أعمّ من نفس المخالفة ، ومدار الحنث على الثاني دون الأوّل فليتأمّل في ذلك ، فإنّ المقام من مطارح الأنظار وقد أظهر العجز في الوصول إليه غير واحد من الأزكياء.
وأمّا أصل المسألة : فاللفظي منه يساعد على القول بالأعمّ ، إن كان القائل بالصحيحة ممّن يلتزم بتعدّد الماهيّات المستلزم للاشتراك ، لكون ألفاظ العبادات حينئذ من باب مسألة دوران الأمر بين الاشتراك المعنوي والاشتراك اللفظي. وقد تقدّم رجحان الأوّل.
وكذلك إن كان ممّن لا يلتزم به على القول برجحان الاشتراك المعنوي على المجاز ، لكونها حينئذ من باب مسألة الدوران بينهما ، وإلاّ ـ كما عليه جماعة ـ لا أصل يساعد على أحدهما ، فلا مناص من الوقف كما هو المختار.