وكأنّه نشأ من ملاحظة ما تقدّم في كلامهم من أنّ حدث الضرب إذا اعتبر لا بشرط كان مدلولا للفظ « الضارب » وصحّ حمله عليها.
ويدفعه : ظهور أنّهم جعلوه مدلولا له باعتبار مادّته لا مطلقا ، وهو لا ينافي أن يكون له مدلول آخر باعتبار هيئته ، وهو الذات مع اتّصافها بمدلول المادّة.
وممّا يفصح عن ذلك تعبيرهم عنه بالعرضي الّذي لا يكون إلاّ بدخول الذات أيضا في مدلوله ، قبالا للعرض المعرّى عن الذات المعبّر به عن المصدر ، مضافا إلى ذكره مع المصدر المعبّر عنه بالمبدأ الّذي دخله فيه باعتبار المادّة لا غير ، فوجب أن يكون النظر في مدلوله فيما دخل في مفهومه من جهتها لا غير.
تنبيه : ينبغي أن يعلم أنّ ما في كلام جماعة من الاصوليّين من تنويع التغيير الّذي هو من لوازم الاشتقاق على خمسة عشر نوعا ، حاصلا من ملاحظة الزيادة أو النقصان أو هما معا في الحروف أو الحركات أو فيهما معا ، وحدانيّا وثنائيّا وثلاثيّا ورباعيّا ، باعتبار استلزام كلّ من الأوّل والثالث حصول أربعة أنواع ، والثاني حصول ستّة أنواع ، والرابع حصول نوع واحد ، إنّما يستقيم على اعتبار كون الأصل هو المصدر أو الفعل.
وأمّا على المختار فلا يعقل التغيير في الحركات بزيادة ولا نقيصة ، حيث لا حركة للأصل حينئذ حتّى تتغيّر بانتقاله إلى فروعه ، ولا في الحروف من حيث النقص لوجوب وجود حروفه بأسرها في فروعه ، فالوجه في التنويع ـ على هذا الأصل ـ أن يقال : إنّ الاشتقاق يلزمه انتقال الأصل إلى فروعه بتحريك حروفه كلاّ أو بعضا مع إسكان الآخر مع زيادة حرف آخر عليها ، وحدانيّا أو ثنائيّا أو ثلاثيّا أو رباعيّا أو بدونها ، تلك عشرة كاملة حاصلة عن ضرب اثنين في الخمس ، وعليك باستخراج الأمثلة.
المبحث الثاني : فيما يتعلّق بالمشتقّات المخرجة عن المبدأ الحدثي ، بالنظر إلى جانب ألفاظها هيئة من حيث ورود الوضع عليها.
فاعلم : أنّ الوضع ينقسم عندهم باعتبار متعلّقه من حيث اللفظ إلى الشخصي