الموجودة في الخارج ، ويرشد إليه إنّه كما يصدق أنّ نوع هيئة « فاعل » مثلا مختصّ بمن قام به المبدأ ، كذلك يصدق إنّ شخص الهيئة الموجودة في « ضارب » مثلا مختصّ بمن قام به الضرب.
المبحث الثالث : فيما يتعلّق بالمشتقّات باعتبار مفاهيمها ومعانيها الموضوع لها ، وينبغي التكلّم فيه من جهات :
الجهة الاولى : قضيّة ما حقّقناه من ثبوت وضعين لكلّ مشتقّ تركّب مفهومه ، ضرورة اقتضاء تعدّد الوضع المقصود منه الدلالة تعدّد الدلالة ، وهو فرع على تعدّد المدلول ، كما أنّه فرع على تعدّد الدالّ من غير فرق في ذلك بين المشتقّات الفعليّة والاسميّة حتّى نحو اسمي الفاعل والمفعول ، وهو المعروف المشهور بين كافّة أهل العلم ، كما يشهد به عباراتهم المشحونة من تفسير اسم الفاعل بذات أو شيء له المبدأ ، أو الذات المتّصفة أو المتلبّسة بالمبدأ ونحو ذلك ، ممّا يؤدي مؤدّى هذه العبارات الظاهرة في التركّب ، خلافا لبعض الأعاظم القائل : بأنّ مفهوم المشتقّ ليس إلاّ أمرا بسيطا إجماليّا هو وجه من وجوه الذات الموصوفة الّتي وجد فيها المبدأ ، وصرّح به في موضع آخر أيضا مع التصريح بأنّ : غاية الأمر إنّه في تحليل العقل ينحلّ إلى ذات ووصف ، من دون دخول شيء من ذلك في المدلول ، بل الجميع انتزاعيّات عقليّة ، مستشهدا بأنّهم لا يفرّقون في العرف بين قولنا : « الوجود موجود » و « الله موجود » و « زيد موجود » و « الله عالم » و « زيد عالم » وتعبيرهم عن « العالم » في الفارسي بـ « دانا » وعن الأسود بـ « سياه » وعن الأبيض بـ « سفيد » وعن الحسن بـ « نيك » وهكذا (١).
وقد تبع في ذلك بعض أهل المعقول ، القائل بأنّ مفهوم المشتقّ معنى بسيط منتزع من الذات باعتبار قيام المبدأ بها ، ومتّحد معها في الوجود الخارجي.
فما اشتهر في العبائر والألسنة من أنّ معنى المشتقّ ذات أو شيء له المبدأ ،
__________________
(١) إشارات الاصول : ٣١.