ومنها : فعل الأمر ، ولا إشكال في دلالته بالوضع على الحدث المخصوص من جهة المادّة ، كما أنّه لا إشكال في دلالته كذلك من جهة الهيئة على نسبة الحدث إلى المتكلّم من حيث كونه مطلوبا له على وجه الحتم خاصّة ـ كما هو الراجح في النظر على ما سيأتي تحقيقه ـ أو لا على هذا الوجه على الأقوال الاخر ، وإنّما الإشكال في شيئين :
أحدهما : إنّه هل يدلّ بالوضع على النسبة الزمانيّة ، على معنى كون زمان معيّن من الثلث كالحال أو الاستقبال مأخوذا في وضعه على وجه الجزئيّة أو القيديّة أو لا؟ فإنّ فيه اختلافا في كلمات العلماء من العربيّة والاصوليّة ، والمتحصّل من أقوالهم على ما ساعد عليه الممارسة أربعة :
الأوّل : ما جزم به جماعة من الاصوليّين ، تبعا لجمهور النحويّين من دلالته على الحال بالخصوص ، وعليه مبنى قولهم : بدلالته على الفور.
الثاني : ما يستفاد من غير واحد من أهل العربيّة من دلالته على الاستقبال بالخصوص ، كما يظهر الجزم به من نجم الأئمّة في شرحه للكافية (١) حيث إنّه بعد ما صرّح بكون فعل المضارع للحال فقط ، استدلّ عليه بما تقدّم في باب الاستعمال ، وبأنّ من المناسب أنّ له صيغة خاصّة كما أنّ لأخويه ، فإنّ المراد بأخويه الماضي والاستقبال ولا يعقل للثاني صيغة خاصّة به إلاّ فعل الأمر.
الثالث : ما يستشمّ من بعضهم من اشتراكه بين الحال والاستقبال ، تعليلا بكونه مأخوذا من المضارع الّذي هو للحال والاستقبال.
الرابع : ما صار إليه محقّقوا متأخّري الاصوليّين من منع دلالته على زمان حالا واستقبالا ، كما صرّحوا به في منع دلالته على الفور والتراخي.
وثانيهما : دلالته على النسبة الفاعليّة بالوضع وعدمها ، فإنّ المستفاد من بعض الأعلام في غير موضع من كتابه دلالته عليها أيضا بالوضع ، كدلالته على النسبة
__________________
(١) شرح الكافية : ٢.