الاشتقاقي ـ حسبما بيّنّاه آنفا ـ نحو الملكة العمليّة وهي القوّة المتأكّدة على العمل الناشئة عن الممارسة وتكرّر العمل.
وبهذا ظهر الفرق بينها وبين القوّة الاستعداديّة الّتي هي منشأ للفعل غير متوقّفة على ممارسة ولا عمل فضلا عن تكرّره ، كالكتابة بالقوّة للإنسان ، ولذا يكون جميع آحاد الأشخاص فيها على شرع سواء ، بخلاف العمليّة فإنّها ناشئة عن الفعل متولّدة عن الممارسة وتكرّر العمل ولذا يختصّ بواحد دون واحد ، على حسب اختلافهم في الممارسة وتكرّر العمل وعدمهما ، فالحال مع الملكة بمعنى القوّة العمليّة حيثيّتان في المبدأ تلحقان الذات في مرتبتين مترتّبتين لتأخّر مرتبة الملكة عن مرتبة الحال ، وأمّا الحرفة والصنعة فهي حيثيّة ثالثة متأخّرة في المرتبة عن حيثيّة الملكة لأنّها عبارة عن أن يتّخذ الذات ما فيها من القوّة المتأكّدة على العمل وسيلة لكسب المال وتحصيله ، على معنى الغرم المتأكّد على الاكتساب بسببه وتوجّه النفس إليه ، وأمّا الحرفة مع الصنعة فقد يقال بعدم الفرق بينهما بحسب المعنى ، وهو المستفاد أيضا من بعض أهل اللغة حيث يأخذ كلاّ منهما في تفسير صاحبه ، وقد يفرّق بينهما بأنّ الحرفة ما لا يقتصر إلى آلة ولا إلى صرف مال بخلاف الصنعة.
وربّما قيل : بأنّ الصنعة قوّة على عمل لا تحصل إلاّ بالممارسة وتكرّر العمل ، بخلاف الحرفة كالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما ، ولم نقف من العرف على ما يقضي بأحد هذه الوجوه.
وكيف كان : فالتلبّس في الحاليّات إنّما يتحقّق بالمباشرة على الفعل إن كان مباشريّا ، أو على مقدّماته إن كان توليديّا ، وفي الملكيّات يتحقّق بوجود الملكة ، وفي الصناعات يتحقّق ما دام العزم وتوجّه النفس إلى اكتساب المال بواسطة الملكة الموجودة باقيا.
والانقضاء في الحاليّات يتحقّق بانقطاع المباشرة ، وفي الملكيّات يتحقّق بزوال الملكة ، بنسيان أو متاركة أو شيبة أو مرض أو نحو ذلك ، وفي الصناعات