يتحقّق بصرف النفس عن اكتساب المال وإن كانت الملكة باقية ، هذا على حسبما يستفاد من كلام الأواخر لكنّه عندنا محلّ تأمّل ، يظهر وجهه بملاحظة ما سنقرّره في دفع إشكال قائم في المقام ، وهو : إنّ النظر في إطلاق الألفاظ المذكورة ـ وهي « الكاتب » و « القارئ » و « المعلّم » و « المتعلّم » ونحوها ـ على ذوي الملكات أو أرباب الحرف والصناعات هل هو إلى حيثيّة الحال أو إلى حيثيّة الملكة أو الحرفة والصنعة ، لتصرّف في اللفظ مادّة بعنوان التجوّز أو الوضع الجديد من العرف ، أو هيئة بأحد الوجهين المذكورين أيضا ، أو لا ـ لتصرّف في اللفظ ـ بل هي إنّما تعتبر من باب الخارج اللازم على حدّ ما يعتبر وجود المبدأ محقّقا لما اخذ في وضع اللفظ من الارتباط الواقعي بين الذات والمبدأ ، بدعوى : أنّه قد يتحقّق بوجود المبدأ كما في موارد الحال ، وقد يتحقّق بحصول الملكة على فعل المبدأ كما في موارد الملكة ، وقد يتحقّق بحيثيّة الحرفة والصنعة كما في موارد الإطلاق على أرباب الحرف والصناعات ، وجوه كلماتهم بالنسبة إليها مضطربة ، فإنّ منهم من يظهر منه كون مبنى الإطلاق على اعتبار حيثيّة الحال ، كالفاضل التوني (١) فيما تقدّم عنه من التفصيل بين كون اتّصاف الذات بالمبدأ أكثريّا ولم يكن معرضا عنه ، وغيره القائل بكونه حقيقة فيما انقضى عنه المبدأ بالقيدين.
ومنهم من يظهر منه كون مبنى الإطلاق على اعتبار حيثيّة الملكة أو الحرفة والصنعة مرادة من المشتقّ باعتبار المادّة مع عدم تعرّضه لكونه تجوّزا فيها أو على وجه الحقيقة باعتبار الوضع الجديد ، كبعض الأعلام حيث جعل الإطلاق في هذه الألفاظ من باب الإطلاق على المتلبّس بالمبدأ بالنظر إلى حيثيّتي الملكة أو الحرفة ، ولم يبيّن وجه هذا التصرّف الواقع على موادّها ، وقد تبعه في هذا التوهّم جماعة ممّن تأخّر عنه ، ومنهم بعض مشايخنا إلاّ أنّه التزم بكونه تجوّزا في المواد.
ومنهم من يستفاد منه كون مبنى الإطلاق على اعتبار إحدى الحيثيّتين مرادة
__________________
(١) الوافية : ٦٣.