من المشتقّ باعتبار الهيئة لما طرئها من الوضع الجديد العرفي ، كالفاضل النراقي في المناهج (١) حيث صرّح به في دفع كلام الفاضل التوني في التفصيل المتقدّم ، فقال :
« إنّ من المشتقّات ما يطلق على الذات باعتبار الملكة والصناعة ، لا بمعنى أنّ مبادئها موضوعة لها ، بل المشتقّ منها صار بالوضع الطاري موضوعا لذواتها من غير ملاحظة قيام المبادئ ، كما قد يصير المشتقّ علما ، وما ذكره من هذا القبيل » صرّح بذلك أيضا بعيد هذا الموضع.
وهذا هو الحقّ الّذي لا محيص عنه ، فإنّ كون مبنى الإطلاق على اعتبار الحال ممّا ينبغي القطع ببطلانه ، لتبادر ذوي الملكات أو الصناعات في إطلاقاتها ، ولو مع غضّ البصر وإغماض النظر عن جميع ما هو خارج عن اللفظ ، وصحّة سلبها عن فاقد الملكة وغير ذي الصنعة ، وعدم صحّة سلبها عن ذيهما ، ولا استقراء المفيد للقطع بكون الملحوظ في نظر أهل العرف في موارد إطلاقاتها إنّما هو حيثية الملكة أو الصنعة من دون نظر إلى حيثيّة الحال.
وكذلك احتمال كون مبناه على تقدير اعتبار الملكة أو الصنعة على التجوّز في اللفظ مادّة أو هيئة ، أو على طروّ الوضع الجديد للمادّة.
أمّا الأوّلان : فلعدم صحّة السلب ، فإنّ كلّ مشتقّ إذا تطرّق إليه التجوّز هيئة أو مادة يصحّ سلبه عرفا عن المورد ، كما في إطلاق « الضارب » على المضروب و « القاتل » على من ضرب ضربا شديدا.
وأمّا الثالث : فلعدم الاطّراد ، فإنّ « الخياطة » و « الكتابة » و « القراءة » و « التعليم » لا يصحّ إطلاقها على الملكة في ضمن سائر الهيئآت ، وتوهّم حصول الوضع للشخص من حيث تقوّمه بهيئآت هذه الألفاظ ليس بأولى من الإذعان بحصوله لشخص هذه الهيئآت من حيث تقوّمه بهذه الموادّ ، بل هو المتعيّن بدليل استناد انفهام حيثيّتي الملكة والصنعة على ما يدرك بالوجدان الواضح إلى ملاحظة
__________________
(١) مناهج الأحكام والاصول : ٣٥.