الهيئآت المتقوّمة بتلك الموادّ ، مضافا إلى ما يعلم ضرورة من طريقة العرف من عدم فرقهم بين هذه الألفاظ الواقعة عندهم على ذوي الملكات أو أرباب الحرف والصناعات وبين ألفاظ النسبة المعبّر عنها بالمشتقّات الجعليّة ، الّتي منها « الخيّاط » « كالحدّاد » و « الصبّاغ » و « البقّال » فإنّ التحقيق إنّ كلّ واحد منها في نظر العرف موضوع بالوضع الشخصي للذات من حيث اتّخاذها لما فيها من الملكة والقوّة المتأكّدة على عمل الخياطة والحديد والصبغ والبقل وسيلة لكسب المال ، ونجدهم يعاملون مع نحو الكاتب والقارئ والمعلّم والمدرّس معاملة هذه الألفاظ.
وقضيّة ذلك كون كلّ في نظرهم موضوعا بالوضع الشخصي للذات من حيث اشتمالها على ملكة هذه الأفعال ، لحقها حيثيّة الصنعة أيضا أو لا ، فإنّها ليست مأخوذة في وضعها.
نعم إنّما اخذت في وضع « الخيّاط » وغيرها من المشتقّات الجعليّة ، ولذا صحّ سلبها عند زوال هذه الحيثيّة وإن كانت الملكة باقية ، ولو أطلق اللفظ حينئذ كان مجازا باعتبار علاقة ما كان ، كما يشهد به الوجدان.
فعلم بما قرّرناه إنّ نحو « الكاتب » و « القارئ » و « المعلّم » طرئه وضعان أحدهما : النوعي الاشتقاقي باعتبار اللغة ، بإزاء الذات من حيث ارتباطها بالمبدأ.
وثانيهما : الشخصي الطارئ باعتبار العرف ، بإزاء الذات من حيث اشتمالها على ملكة هذا المبدأ.
ومن هذا الباب لفظ « المجتهد » و « الفقيه » في عرف الفقهاء ، بل من هذا الباب ظاهرا لفظ « المثمر » ونحو « المسجد » و « المجلس » و « المقراض » و « المفتاح ».
فاتّضح بجميع ما ذكر بطلان ما توهّمه الفاضل التوني ، كما اندفع به أيضا ما ادّعاه من كون وضع هذه الألفاظ لملكات هذه الأفعال ممّا يأبى عنه الطبع السليم ولا يوافقه مبادئها على ما في كتب اللغة ، فإنّ ذلك بملاحظة العرف والتدبّر فيما أشرنا إليه ممّا يقبله الطبع السليم ولا ينافيه ما في كتب اللغة ، لعدم كونه وضعا في المبادئ الموضوعة لغة لنفس الأفعال ، كما إنّه اتّضح بجميع ما ذكر أنّ الألفاظ