بينهما ، فالنفي المفيد للعموم في المنكر أو النكرة لا تأثير له في إثبات الجواز واختصاصه بالنفي.
وتوهّم : أنّ مدلول المشترك عند السكّاكي في المفتاح واحد من المعاني لا بعينه ، وعلى ما فهمه بعضهم من أنّ مراده لا بعينه مطلقا حتّى عند المتكلّم ، فلو دخلت عليه أداة النفي كان على مذهب صاحب المفتاح كالنكرة المنفيّة في إفادة العموم ، ولكن بالنسبة إلى جميع معانيه ، لوضوح أنّ نفي الواحد لا بعينه يقتضي نفي جميع مصاديقه الّتي هي المعاني هنا بالفرض.
يدفعه : أنّ حمل كلام صاحب المفتاح في مدلول المشترك على ما ذكر سهو ، بل الصواب أنّ مراده ـ موافقا للجمهور ـ لا بعينه في نظر السامع مع كون الواحد معيّنا في نظر المتكلّم.
ولو سلّم عدم التعيين مطلقا فالمراد مصداق الواحد لا بعينه ، وظاهر أنّ النفي الوارد عليه يقتضي نفيه على وجه البدليّة والترديد ، على معنى كون المنفيّ واحدا مردّدا بين الجميع ، كما أنّ الإثبات فيما لو وقع في الإثبات على الوجه المذكور يقتضي إثباته على وجه البدليّة والترديد ، ولا يقتضي نفيه نفي جميع المعاني لامتناع كونها مصاديق مصداق الواحد لا بعينه. فليتدبّر.
وإذا تمهّدت المقدّمات ، فنقول :
إنّ الاصوليّين بين قائل بجواز استعمال المشترك في أكثر من معنى مطلقا ، وقائل بعدم جوازه كذلك ، ومفصّل بين المفرد وغيره من المثنّى والمجموع. فجوّز في الثاني دون الأوّل ، ومفصّل بين المنفيّ والمثبت فجوّز في الأوّل دون الثاني.
والمجوّزون أيضا بين قائل بكون الاستعمال المفروض حقيقة مطلقا ، وقائل بكونه مجازا كذلك ، ومفصّل بين المفرد فالمجاز وغيره فالحقيقة.
ومن المجوّزين من زعم ظهوره عند التجرّد عن القرينة في إرادة جميع المعاني كالشافعي.
والمانعون أيضا بين مانع عقلا للزوم التناقض في الإرادة ، ومانع توقيفا.