الأمر الحادي عشر
رعاية آداب محفل الدرس
عندما كنت أكتب عن وظائف طالب العلم مع اُستاذه ، وكنت أعيش مع الشهيد الثاني وبستانه الفتّان ، ذات الأشجار اليانعة والأغصان المثمرة ، قلت في نفسي ، وكلّها شوق وسرور ، حقّاً ما أروع تلك المدرسة والحوزة التي يحكمها مثل هذه الأخلاق العالية والآداب الرفيعة ، وإنّها هي الجنّة ، وعرفت مغزى زهد سلفنا الصالح ، وأنّهم زهدوا في الدنيا لمثل هذه المكارم والأخلاق السامية ، ولا ريب من يستلذّ بالعلم النافع والعمل الصالح ، يترك الدنيا وما فيها لأهلها ، بل يهتف صارخاً : أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذائذ الروحيّة والمستلذّات المعنويّة والعقليّة.
فيصبر على الغربة والفقر لطلب العلم ولا يشبع منه ، وقد قيل : لا يأتي العلم إلاّ بالغربة والفقر ، وفي الخبر الشريف : منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا.
ومن أسعد الناس ذلك العالم الذي عمل بعلمه ، فإنّه فاز بخير الدنيا والآخرة ، وأنت يا طالب العلم ، إنّما توفّق في حياتك العلميّة والعمليّة ، لو تخلّقت بأخلاق الله ، وبأخلاق أنبيائه والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، لو راعيت الآداب حقّ المراعاة ، فمن واجبك أن تحفظ حقوق وآداب الدرس ، وهي ـ كما يذكرها الشهيد الثاني (قدس سره) في منيته ـ كما يلي :
١ ـ بداية أمرك أن تحفظ كتاب الله الكريم حفظاً متقناً ، فهو أصل العلوم وأهمّها ، وكان السلف لا يعلّمون الحديث والفقه إلاّ لمن حفظ القرآن المجيد ، وعليه