الأمر الثالث عشر
عفّة النفس وعزّتها
من أهمّ الخصائل التي يحتاجها طالب العلم في سيرته الأخلاقية عفّة النفس ، وهي تعني ضبط النفس عن اللذات المشتركة بين عامّة الحيوانات من المأكولات والملموسات ، والاعتدال في تناولها واستعمالها من دون إفراط ، وليس معنى ضبط النفس رفض كلّ الشهوات والملاذّ وقهرها وكبتها على كلّ حال ، فإنّ هذا يتنافى مع أصل خلقها وتكوينها في وجود الإنسان. فإنّ بقاء البدن بالمأكولات والمشروبات ، وفي المناكح بقاء النسل ، ولو كان يمكن الاستغناء عن الشهوة مثلا لكان خلقها في أصل التركيب الحيواني عبثاً ، ووبالا على صاحبها ، فمعنى عفّة النفس ضبطها بنحو معقول ، بأن يستعملها على أربعة أنحاء : أن يتناول منها ما ينبغي ، وفي الوقت الذي ينبغي ، ومن المقدار الذي ينبغي ، ومن الوجه الذي ينبغي ، فتكون شهوته تحت طاعة عقله ، والعفّة جارية في كلّ الأخلاق فهي بمعنى الحدّ الوسط من دون إفراط ولا تفريط في الصفات والسجايا الأخلاقيّة (١).
قال الله تعالى :
(يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) (٢).
__________________
١ ـ راجع في ذلك جامع السعادات للمرحوم المحقّق النراقي (قدس سره) ، وكذلك المحجّة البيضاء للمحقّق الفيض الكاشاني (قدس سره).
٢ ـ البقرة : ٢٧٢.