الأمر الرابع
عدم الزواج المبكّر
أن يترك التزويج حتّى يقضي وطَرَه من العلم ، فإنّه أكبر شاغل وأعظم مانع ، حتّى قيل : ذبح العلم في فروج النساء ، ومن احبّ أفخاذ ـ اتّخاذ ـ النساء لم يفلح.
ثمّ يقول الشهيد الثاني (قدس سره) : ولا يغترّ طالب العلم بما ورد في النكاح من الترغيب ، فإنّ ذلك حيث لا يعارضه واجب أولى منه ، ولا شيء أولى ولا أفضل ولا واجب أضيق من العلم ، سيّما في زماننا هذا ...
أقول : إنّما يترك الزواج لمن تمكّن من حفظ نفسه أن لا يقع في اللذائذ المحرّمة ، وإلاّ فإنّه يكون واجباً من مقدّمة الواجب واجب ، ولا يصحّ ترك الواجب من أجل عمل مندوب ، وطلب العلم أكثر من المسائل المبتلى بها مستحبّ في نفسه ، فتدبّر.
كان اُستاذي في الأخلاق في مقام النصيحة يقول : إذا كان بإمكان طالب العلم أن لا يتزوّج مبكّراً فليفعل ، فإنّ من يقدر على حفظ نفسه من التلوّث بالذنوب ، فعدم الزواج أفضل له ، لأنّ المرأة والأولاد بمنزلة القيود والسلاسل لطالب العلم ، فكثيراً ما تمنعه عن مواصلة الدراسة والتحقيق والتدقيق ، وينشغل ذهنه باُمور المعاش والمأكل والملبس والمسكن ، لا سيّما في عصرنا هذا ، فإنّ الحياة لطالب العلم من دون دغدغة صعبة جدّاً ، فمن أراد أن يتوفّق في تحصيل العلوم والفنون ويفوق فيها الأقران ، فعليه أن يكمل درسه في مرحلتي المقدّمات والسطوح ويدخل في درس خارج الاُصول والفقه لسنتين وما يزيد ، فحينئذ يقدم على الزواج ، وقد تزوّج الإمام الخميني وعمره خمسة وعشرون سنة ، وقد ألّف وصنّف في الفقه والاُصول والفلسفة والعرفان وعمره ثلاث وعشرون سنة ، فاعتبروا يا اُولي الأبصار.