الأمر السابع
علوّ الهمّة
أن يكون عالي الهمّة ، بعيد النظر ، كما قال أمير المؤمنين لولده محمّد بن الحنفيّة في ساحة الوغى : « اُنظر إلى أقصى القوم » ، وإنّ من ينظر إلى قمّة الجبل فإنّه يهون عليه صعوده ، ولا يتهيّب من وعره وصعوبة طريقه ، فلا يرضى باليسير مع إمكان الكثير ، ولا يؤجّل عمل اليوم إلى غد ، ولا عمل الساعة إلى بعدها ، فإنّ في التأخير آفات ، وخير البرّ عاجله ، وإنّ للساعة الثانية عملها ، فلا بدّ من السير الدؤوب المتواصل ، ولا يخافه قول حذار ، ولا تعيقه في السير عوائق ، بل يتجاوز العقبات والموانع والقواطع بحزم وعزم وصبر ومثابرة ، والوقت سيف فإن قطعته وإلاّ قطعك ، والليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
واعلم أنّ أنفس شيء وأعظم شيء في الحياة هو العلم ، فإنّ الإمام السجّاد (عليه السلام) يقول : « لو علم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج » ، فمثل هذا الأمر الخطير يحتاج إلى أعلى مراتب الهمّة وأقوى درجات الإرادة ، وغاية الشوق ونهاية العشق ، ولِمَ لا يكون كذلك وسبحانه وتعالى يقول :
(هَلْ يَسْتَوي الَّذينَ يَعْلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعْلَمونَ إنَّما يَتَذَكَّرُ اُولو الألـْبابِ) (١).
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ اُوتوا العِلـْمَ دَرَجات) (٢).
__________________
١ ـ الزمر : ٩.
٢ ـ المجادلة : ١١.