هذا الاصطلاح غفلة من جهات متعدّدة كما ترى ) (١).
أقول : إنّ الزاعم لمّا كان غرضه التهويش والتشويش ، عمد إلى نقل كلام المحدّثين ـ الإخباريّين ـ في ردّ ونقد المصطلح الجديد في تمييز الحديث ، وليته نقله كما هو بحذافيره ، ليتبيّن للقارئ وجه الحقيقة ، ولكنّه بتر الكلام فشوّه الحقيقة ، ولقد نقد الأُصوليون تلك الحجج بوجوه واضحة ، وردود حاسمة ، حتّى أنّ السيّد الخوئيّ قدسسره قال في مقدّمة كتابه معجم رجال الحديث : ( وقد ذكر صاحب الوسائل لإثبات ما ادعاه من صحّة ما أودعه في كتابه من الأخبار ، وصدورها من المعصومين عليهمالسلام وجوها ، سمّاها أدلّة ، ولا يرجع شيء منها إلى محصّل ، ولا يترتّب على التعرّض لها والجواب عنها غير تضييع الوقت ... ) (٢).
كما شجب مسلك الإخباريّين في الأخذ بجميع ما في الكتب الأربعة ـ الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار ـ بل وألحق بعضهم الأخذ ببقية ما وصل إلينا من كتب القدماء ، كالمحاسن وبصائر الدرجات وبقية الأُصول الأربعمائة ، فقد شجب ذلك المسلك غير واحد من أعلام الأُصوليّين ، وإنّ في مقدّمة كتاب وسائل الشيعة للسيّد محسن الأعرجي الكاظمي ما يفني ويغني ، ولم يكن من دونه الشيخ محمّد حسن البار فروشي المازندرانيّ ، المتوفّى ١٣٤٥ هـ في كتاب نتيجة المقال : ٦٥ ، وغيرهم.
ولو كان الزاعم صادقاً في غرضه لنقل كلام الأُصوليّين أيضاً في نقدهم لحجج الإخباريّين ، ولتبيّن للقارئ الحقّ ، وأنّ لا نقاش لدى كلّ فريق في صحّة الخبر عند قيام الحجّة على صدقه ، إلاّ أنّ مسالكهم تختلف في تنويع الحديث ، فالقدماء لقرب عهدهم بالأئمّة الأطهار عليهمالسلام كان من السهل عليهم تحصيل القطع بصدور الأحاديث عنهم عليهمالسلام لكثرة القرائن الدالّة على ذلك ، فلا حاجة
____________
١ ـ وسائل الشيعة ٣٠ / ٢٥٩.
٢ ـ معجم رجال الحديث ١ / ٣٣.