إلى التفتيش عن رجال السند ، كي يضطرّوا إلى هذا التنويع ، وهذا ما لا ينكره الأخباريون ولا الأُصوليون.
أمّا المتأخّرون ، فلمّا بعد زمانهم عن زمان صدور الحديث ، وخفيت عليهم تلك القرائن الدالّة على صدق الحديث ، فقد رأوا أن لا مناص لهم من تنويع الحديث بلحاظ السند وصفات الراوي ، ومن أراد مزيداً من الإيضاح فليرجع إلى ما تقدّم ذكره من المصادر وغيرها ، وفي حجّية خبر الواحد في أبحاث الأُصول ، ليتبيّن له أنّ الزاعم الكاذب غرضه التهويش والتشويش.
يدلّك على ذلك ما ذكره أخيراً من خبر الفيض بن المختار نقلاً عن البحار عن الكشّي ، فهو خبر ضعيف أوّلاً ، وثانياً لم ينقله بنصّه لئلا يعرف القارئ مدى خيانته في النقل ، وإليك الحديث عن مصدره الأوّل الكشّي : ( محمّد بن قولويه قال : حدّثني سعد بن عبد الله قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يوماً ، ودخل عليه الفيض بن المختار ، فذكر له آية من كتاب الله عزّ وجلّ تأوّلها أبو عبد الله عليهالسلام.
فقال له الفيض : جعلني الله فداك ، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ قال : ( وأيّ الاختلاف يا فيض )؟ فقال له الفيض : إنّي لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشكّ في اختلافهم في حديثهم ، حتّى ارجع إلى المفضّل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي ، ويطمئن إليه قلبي.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ( أجل هو كما ذكرت يا فيض ، إنّ الناس قد أولعوا بالكذب علينا ، إنّ الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره ، وإنّي أحدّث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتّى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك أنّهم لا يطلبون بحديثنا وبحبّنا ما عند الله ، وإنّما يطلبون به الدنيا ، وكلّ يحبّ أن يدّعي رأساً ، أنّه ليس من عبد يرفع نفسه إلاّ وضعه الله ، وما من عبد وضع نفسه إلاّ رفعه الله وشرّفه ، فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس ) ، وأومأ إلى رجل من