وفيه أن مبنى الدعوى على الظاهر لا على الواقع ، والتقاص بالعكس فانه مبني على كون ذمة المنكر مشغولة بحق المدعي في الواقع ، فهو يأخذ من ماله إذا ظفر به استخلاصاً لحقه الواقع ، فاسقاط يمين أحدهما لا يستتبع اسقاطها الاخر ، فتدبر.
وعلى ما قلناه فقوله عليهالسلام « ذهبت اليمين بحق المدعي » أراد به حق الدعوى لما سبق ، وقوله بعده « ولا دعوى له » لانه كالتفسير له ، والا لكان مقتضى الظاهر أن نقول : فلا حق له ، وإذا كان حقه باقياً في ذمته واقعاً فله مقاصه بعد التحليف كما كان له ذلك قبله من غير فرق.
والفارق على تقدير تسليم دلالته عليه ضعيف ، لا يعتمد عليه ولا تركن النفس شيئاً قليلا اليه ، لمخالفته مقتضى الأصل والاستصحاب السالمين عن المعارض ، فافهمه.
وكذا قوله عليهالسلام « وان أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة » أي : بينة ما كان له حق ، على ما يوجد في بعض النسخ ، أراد به حق الدعوى ، لقوله عليهالسلام قبل هذا الكلام « نعم » فان معناه : نعم لا دعوى له ، فانه تصديق لقوله « قلت : وان كانت له بينة » أي قلت : لا دعوى له وان كانت له بينة.
ويحتمل أن يكون المراد به أنه لا يثبت بتلك البينة الواقعة بعد الاستحلاف حق ، لانها فرع صحة دعواه ، واليمين قد أبطلت دعواه ، فلا يثبت له حق بتلك البينة المبنية على تلك الدعوى الباطلة ، على أن كلمة « حق » غير موجودة هنا في بعض النسخ ، وفيما رواه الشيخ في التهذيب كما سيأتي.
وعلى تقدير وجودها فلا دلالة لها على سقوط حقه الدنيوي مطلقاً حتى لا يجوز له المقاصة ، كيف؟ وهم مصرحون بأن المنكر لو أكذب نفسه بعد الحلف وجاء بالحق بعده يحل له أخذه منه ، بل يجوز له مطالبته ومقاصته أيضاً على ذلك التقدير