وهذا الخبر صريح في أن ذلك أجرة للحارس وليس مجاناً ، وان لم تكن الجملة الثانية بياناً للاولى. وظاهر في أن المراد ترك النخلة والنخلتين والثلاث ، أو ما هو بمنزلة ذلك ، اذ الكباسة والكباستان من نخلة واحدة والقتو والقتوان منها ليس يعد أجراً معلوماً ، بناءً على ما هو الظاهر من أن الجملة الأخيرة بيان للاولى ، على ما اعترف به في روضة المتقين (١).
فاندفع ما يقال من أنه لا يظهر من الخبر أنه أجرته أو مجاناً ، كما لا يظهر أن المتروك له كل ثمرة النخلة من النخلتين أو الكباسة والكباستين ، اذ العذق بالفتح النخلة بحملها ، وبالكسر الكباسة وهي بمنزلة العنقود من العنب ، مع أنه يظهر من التذكرة أن الرواية بالفتح ، حيث قال : العذق والعذقين والثلاثة لحفيظه له ، أي : لمن يحافظه لاجل الحفظ وبازاء أجرته ، كما في قوله عليهالسلام « لحفظه اياه » فانه نص في كونه لاجل الحفظ.
والظاهر أنه الأجرة مستثناة ، سواء كانت نخلة أو نخلات أو كباسة وكباستين من كل نخلة أو من نخلة واحدة. واذا ثبت استثناء تلك الأجرة من المئونة ثبت مطلقاً ، اذ لم يفرق بينها وبين غيرها أحد من علمائنا وغيرهم.
قال في المدارك : الرواية نقول بموجبها ونمنع التعدي من غير المنصوص ، وقوله « انه لا قائل بالفرق » غير جيد ، فان ذلك ثابت عند الجميع ، وقد صرح به من لا يعتبر المئونة ، كما حكاه في التذكرة والمنتهى ، ويتوجه عليه أنه ان اريد التصريح بذلك ممن لا يعتبر المئونة من الخاصة ، فهو خلاف الواقع ، لانه منحصر في الشيخ في الخلاف والفاضل يحيى بن سعيد ، والفرق غير محكي عنهما لا في التذكرة والمنتهى ولا في غيرهما ، وكذا ان أريد من لا يعتبرها من الفريقين يجديه نفعاً ، مع أن ما حكاه في التذكرة عن الشافعي في القديم من أنه
__________________
(١) روضة المتقين ٣ / ٩٨.