واعترض عليه صاحب المدارك بأن اشتراك النصاب بين المالك والفقراء ليس على حد سائر الأموال المشتركة ، لتكون الخسارة على الجميع ، ولهذا جاز للمالك الاخراج من غير النصاب والتصرف فيه بمجرد الضمان (١).
والجواب : أنه مبني على ما تقرر عندنا من وجوب الزكاة في العين لا في الذمة.
قال في المنتهى : ذهب اليه علماؤنا أجمع ، سواء كان المال حيواناً أو غلة أو أثماناً ، وبه قال أكثر أهل العلم. وفي التذكرة انها تجب في العين عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد وأحمد في أظهر الروايتين ، الا أن أبا حنيفة قال : لا يستحق بها جزء منها ، وانما يتعلق بها كتعلق الجناية بالعبد الجاني ، وهو احدى الروايتين عن أحمد.
ويفهم منه أن من قال منا بتعلقها بالعين ، ذهب الى أنه على سبيل اشاعة الشركة والاستحقاق ، لا من قبيل الرهن وغيره على وجه الاستيثاق ، وقد صرح هذا المعترض أيضاً بأن مقتضى الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في العين كون التعلق على طريق الاستحقاق ، وهو الظاهر من كلام الأصحاب ، حيث أطلقوا وجوبها في العين ، ولا ينافي ذلك جواز الاخراج من مال آخر ، وجواز التصرف في النصاب اذا ضمن الزكاة بدليل خارج هذا كلامه رحمهالله.
وبه ينهدم بنيان ما شيد به الاعتراض ، فان فيه اعترافاً بأن سلب بعض أحكام الشركة لدليل خاص لا يوجب نفيها ، ولا يصح أن يقاس على البعض المنفي سائر الأحكام ، فيبقى الجميع الى أن يقوم دليل على خلافه ، ومنه اشتراك الخسارة ، اذ لا دليل على استثنائه.
فان أراد نفي استحقاق جزء من أعيان الغلاة من حيث استثناء بعض أوصافه
__________________
(١) المدارك ص ٣٠٥.