وفي الخلاف : أن مذهب أبي حنيفة أنه اذا أسلم من وضع عليه الجزية من أهل السواد اخذت تلك الجزية منه باسم الخراج عن رقبة الأرض ولا عشر في غلتها ، وعندنا يجب العشر عن غلتها ويسقط الخراج ، ولا يجتمع العشر والخراج أبداً اجماعاً ، قال : واعتقد أصحابنا أن أبا حنيفة يقول : ان العشر والخراج الذي هو الثمن هو الأجرة لا يجتمعون وتكلموا عليه ، واعتقد أصحاب أبي حنيفة انا نقول : العشر والخراج الذي هو الجزية يجتمعان وتكلموا عليه. وقد بينا الغلط فيه (١) هذا كلامه. وعليه يحمل ما احتج به أصحاب الرأي من قوله عليهالسلام « لا يجمع العشر والخراج في أرض مسلم ».
قال الشهيد في البيان : ويتصور هذا الخراج في موضعين : في المفتوحة عنوة ، وفي أرض صالح الإمام أهلها الكفار على أن يكون للمسلمين وعلى رقابهم الجزية ، ثم رد الأرض عليهم مخرجة ثم يسلمون ، فانه يبقى الخراج ، ولا تسقط الزكاة ، بخلاف ما لو ضرب على أرضهم المملوكة خراجاً وأسلموا فانه يسقط ، والفرق أن الأول أجرة والثاني جزية (٢).
ويحتمل على بعد أن يحمل العشر على حصة المقاسمة ، ويقربه الاقتصار عليه وحيث اريد به الزكاة ردت بنصف العشر ، لئلا يلزم تأخير البيان ، فالمعنى أن من أخذ منه المال المضروب على الأرض ، فليس عليه قسط من حاصلتها ، فانهما لا يجتمعان.
وبالجملة فالظاهر أنه لا خلاف في أن الخراج لا يغني عن الزكاة ، على ما يظهر من التذكرة والمعتبر والمنتهى. وأما الزكاة التي يأخذها السلطان ، فالمشهور الذي يكاد يكون اجماعاً أنها لا تغني أيضاً ، للاخبار المستفيضة البالغة حد التواتر ،
__________________
(١) الخلاف ٢ / ٦٨ ـ ٧٠.
(٢) البيان ص ١٨٣.