الانصاف. وأما ما حملوهما عليه جبراً ، فأنت خبير بأنه لا يخلو من الاعتساف ، فتأمل.
واعلم أن مما هو كالنص في التخيير ما رواه الصدوق في أماليه باسناده عن الصادق عليهالسلام أنه قال : أحب للمؤمن أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة ، ويصلي الجمعة ولو مرة.
والعجب من المستدل أنه نقله في آخر رسالته هذه ، ثم قال : ولا دلالة فيه على التخيير ، لانهم كانوا في زمن التقية ولم يتيسر لهم المواظبة عليها ، فكانوا يغتنمون الفرصة في ادراكها اذا تيسرت ، فالتخيير عارض (١).
وغفل أن المؤمن مفرد محلى باللام ، فهو يفيد الاستغراق الحقيقي ، لكون المقام خطابياً على قياس قوله عليهالسلام « المؤمن عز كريم والمنافق خب لئيم » فهو شامل بجميع أفراد المؤمنين الموجودين في عهده عليهالسلام وغيرهم من الموجودين في سائر الازمنة ، فاذا خصصه بالموجودين في عصره عليهالسلام فقد نقض بنيان كل ما بناه في هذه الابواب ، وصار كالتي نقضت غزلها من بعد قوة.
وأيضاً فانه عليهالسلام نظم المتعة والجمعة في سلك واحد ، ولا شبهة في أن استحباب المتعة ثابت لكل مؤمن يصلح لان يتمتع الى يوم القيامة ، فلو حمل استحباب الجمعة على بعض الوجوه لزم تهافت الكلام واختلاف حكم السنن بغير مائز ، الى غير ذلك مما قالوا نظيره سابقاً ، فما هو جوابهم عن هذا فهو جوابنا عن ذاك.
ثم لا يذهب عليك أن هذا الخبر وأمثاله صريح في أن وجوبها العيني انما يتعين في زمان حضور الامام عليهالسلام اذا كان على وجه السلطنة والاستيلاء ، كما ذهب اليه جماعة من الاصحاب ، والحق معهم لما دريت في الابواب ، فتذكر وتأمل.
قال : ومنها موثقة عبد الملك عن الباقر عليهالسلام قال : مثلك يهلك ولم يصل فريضة
__________________
(١) الشهاب الثاقب ص ٩٧.