أصل
الحقّ أنّ صيغة الأمر بمجرّدها ، لا إشعار فيها بوحدة ولا تكرار * ،
__________________
* كما نسب إلى جماعة من المحقّقين ، وربّما يقال : إنّه مذهب المحقّقين كالسيّد المرتضى وأبي الحسين البصري وفخر الدين الرازي ، واختاره العلاّمة في التهذيب بل النهاية على ما حكي عنه.
ونبّه بقوله : « بمجرّدها » على أنّ النزاع إنّما هو في وضع الصيغة لغة ، وأصرح منه ما في كلام السيّد في المنية من التعبير بـ « الأمر المجرّد عن القرائن » وهو ظاهر الأكثر بل وصريحهم في مطاوي كلامهم ، لما يقع منهم تارة من تصدير المعنى المتنازع فيه على حسب الأقوال الآتية بـ « اللاّم » المنبئ عن دعوى الحقيقة كما تقرّر في محلّه ، واخرى من التعبير بالحقيقة ، وثالثة من التعبير بالوضع ، بل هو لازم القول بالاشتراك الّذي هو أحد الأقوال ، وهو صريح الاستدلال على كونها لطلب الماهيّة من حيث هي بكونه خيرا من الاشتراك والمجاز كما في التهذيب ، وبصحّة تقييده تارة بالوحدة واخرى بالتكرار من غير لزوم تكرار ولا تناقض كما في كلام الأكثر.
فما في كلام بعض الأفاضل من إمكان كون النزاع فيما يستفاد من الصيغة حين الإطلاق سواء كان من جهة الوضع له بخصوصه أو انصراف الإطلاق إليه ، مذيّلا له : « بأنّه الّذي يساعده ملاحظة الاستعمالات » ليس على ما ينبغي ، كيف وما أشرنا إليه من الشواهد القطعيّة يأبى عنه تكذيبا ، فلا أثر لما علّل الدعوى به من : « أنّ القول بوضع الصيغة لحصول المرّة حتّى يكون الأمر بالفعل مرّتين أو ما يزيد عليه مجازا في غاية البعد بل لا يبعد القطع بفساده ، وكذا لو علّق الفعل بالمرّة بناء على القول بوضعه للتكرار ، بل قد لا يكون المادّة قابلة للتكرار ، فينبغي أن يكون تلك الصيغة مجازا دائما » فإنّ الاستبعادات الذوقيّة لا تنفي الخلافات الواقعة ولا سيّما مع معارضتها لشواهد قطعيّة.
فيحرّر موضع النزاع حينئذ بأنّ صيغة الأمر هل هي موضوعة لطلب الماهيّة من حيث هي ، أو لطلبها مقيّدة بالمرّة أو التكرار؟ وهل القيد على الاحتمالين الأخيرين داخل في الموضوع له كالتقييد أو الداخل فيه إنّما هو التقييد وحده؟ وجهان.
وممّا قرّرنا يتّضح أنّ النزاع هو في وضع الأمر بالصيغة باعتبار الهيئة لا باعتبار المادّة.
فما في كلام جماعة من الأجلّة من الاستدلال على الاحتمال الأوّل بأنّ الأوامر مأخوذة