والمرّة والتكرار خارجان عن حقيقته ، كالزمان والمكان ونحوهما *. فكما أنّ قول القائل : « إضرب » غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة يقع بها الضرب ، كذلك غير متناول للعدد في كثرة ولا قلّة.
__________________
وفي الثاني استدلّ على تلك المقدّمة بالوصف بالأوصاف المتقابلة ، وما يدخل في الشيء لا يوصف ذلك الشيء بمقابله. انتهى (١).
كما يندفع به ـ مع ملاحظة ما قدّمنا ذكره في تحرير العنوان من كون النزاع فيما اخذ في وضع الصيغة ـ ما اعترض على ما حكم به المصنّف بعد ذلك من خروج المرّة والتكرار عن حقيقة الفعل ، بأنّه لا يلزم من الخروج عن الحقيقة عدم الدلالة ، فإنّ دلالة الالتزام إنّما هي دلالة على الخارج عن الحقيقة ، لخروج هذه الدلالة عن مقاصد القوم ، وعدم كون الدلالة المطلقة معقدا لكلامهم ، وإنّما الكلام فيما كان مأخوذا في وضع الصيغة ، والمدلول الالتزامي ليس بهذه المثابة ، مع أنّ اللفظ لا دلالة له على كلّ خارج بالالتزام بل على ما كان لازما لما وضع له ، وهو في المقام إمّا لازم له بحسب الوجود الخارجي أو لازم بحسب المفهوم العرفي ، والأوّل مسلّم وغير مجد في الدلالة ، والثاني مجد وغير مسلّم.
ومع الغضّ عن ذلك أيضا ، فالدلالة المذكورة على تقدير ثبوتها غير قادحة فيما ادّعاه المصنّف ، بل الدلالة على أحد الأمرين على طريق البدليّة من لوازم القول بكون الأمر لطلب الماهيّة ، نظرا إلى أنّ الطبيعة قابلة للتقييد بهما وجهة جامعة بينهما ، فالدلالة على الوجه المذكور لازمة لها وهي ليست من الدلالة على المرّة أو التكرار عند أصحاب القول بهما ، لاعتبار التعيين والمنع فيهما والبدليّة تنافيهما كما لا يخفى.
فلا حاجة حينئذ إلى أن يجاب عنه بما في كلام ابنه : بأنّ المرّة والتكرار والمكان وشبهها من لوازم الحدث الّذي هو المعنى المصدري ـ أعني جزء الأمر ـ ولا يلزم من لزوم شيء لجزء المركّب لزومه للمركّب ، حتّى يتوجّه إليه أنّه إنّما يستقيم في المركّبات الخارجيّة دون المركّبات الذهنيّة ، إذ المحقّق فيها كون لازم الجزء لازما للمركّب ، حيث إنّ التركيب فيها أمر يعتبره العقل بعد التحليل ، وإلاّ فالّذي يتصوّر وينساق ابتداء أمر بسيط.
* ولمّا كان ما ذكره من الاحتجاج مظنّة سؤال : بأنّ تبادر طلب حقيقة الفعل من الأمر
__________________
(١) حاشية ملا ميرزا الشيرواني ( منه ).