احتجّ الأوّلون بوجوه :
أحدها : أنّه لو لم تكن للتكرار ، لما تكرّر الصوم والصلاة *. وقد تكرّرا قطعا.
والثاني : أنّ النهي يقتضي التكرار ، فكذلك الأمر ** ، قياسا عليه ، يجامع اشتراكهما في الدلالة على الطلب.
والثالث : أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ، والنهي يمنع عن المنهيّ عنه دائما ؛ فيلزم التكرار في المأمور به ***
__________________
تحرير العنوان ، وظاهر أنّ الأمر الثاني إنّما يرفع تمكّن المكلّف في الزمن المتأخّر ، ولا يرفع الحكم إذ لا ثبوت له مع عدم التمكّن.
* وبملاحظة ما سبق في تحرير موضع النزاع يتبيّن أنّ مراده كون الأمر للتكرار بحسب الوضع اللغوي ، كما يومئ إليه هنا التصدير بـ « اللام » فمحصّل الاستدلال حينئذ : أنّه لو لم يكن الأمر المطلق موضوعا للتكرار لما أفاد الأمر بالصوم والصلاة التكرار فيهما ، والتالي باطل بالعيان لما يرى من أنّ الصلاة تتكرّر في كلّ يوم ، والصوم يتكرّر في شهر من كلّ سنة أو في كلّ يوم من الشهر ، والملازمة بيّنة ، فيستقيم حينئذ ما أجاب به المصنّف وغيره من إبداء احتمال كون ذلك مستفادا عن دليل خارج.
** يرد عليه : ما أشرنا إليه سابقا في الاحتجاج على المختار بالاستقراء من أنّ تكرار النهي ليس من مقتضيات الوضع ودلالة اللفظ عليه من حيث هو ، وإنّما هو من لوازم نفي الماهيّة الّذي هو من مقتضيات اللفظ ، وأين هذا من مطلوبكم.
*** وقد يعترض (١) عليه : بعدم اقتضاء دوام ترك الضدّ دوام فعل المأمور به ، لجواز الواسطة ، إلاّ أن يفرض في ضدّين لا ثالث لهما ، وهو لا يفيد ثبوت كلّيّة الدعوى.
أو يقال : بإرادة النهي عن جميع الأضداد ، وترك جميع الأضداد لا يحصل إلاّ بفعل المأمور به كما توهّم الكعبي ، ولا يخفى بطلان ذلك التوهّم فلابدّ من حمل الضدّ على الضدّ العامّ بمعنى الترك.
__________________
(١) المعترض سلطان العلماء ( منه ).