ولا ريب في شهادة العرف * بأنّه لو أتى بالفعل مرّة ثانية وثالثة لعدّ ممتثلا وآتيا بالمأمور به. وما ذاك إلاّ لكونه موضوعا للقدر المشترك بين الوحدة والتكرار ، وهو طلب إيجاد الحقيقة ، وذلك يحصل بأيّهما وقع.
__________________
والثاني سند للمنع ، ولا يخفى أنّ ذلك سياق مستحسن فيما بين أهل المناظرة ، فما يقال عليه : من أنّه لا حاجة في دفع الاحتجاج إلى هذه الضميمة لاندفاعه بمجرّد قيام الاحتمال المذكور ليس ممّا يلتفت إليه ، ولو اريد بالضميمة مجموع المقدّمتين المستلزم لكون المراد بالاحتمال ما في قوله : « إنّما صار ممتثلا لأنّ المأمور به وهو الحقيقة حصل بالمرّة » لكان المراد بالضميمة تكميل الإيراد وتكثيرا في إيضاح ما في الاستدلال من الفساد كما فهمه الفاضل المعترض.
* ولا يخفى أنّ بناء هذا الكلام على ما حرّرنا الخلاف فيه على القول بالماهيّة من كون ما زاد على المرّة الاولى امتثالا ، وقد قدّمنا ما عندنا من التحقيق في ذلك فلا حاجة إلى إعادته هنا ، وقد يعتذر عنه بحمله على ما لا يخالف مذهب المانع عمّا ذكر ـ كما اخترناه في الجملة ـ من إرادة الامتثال بالنسبة إلى المرّة الاولى ، بدعوى : أنّ المصنّف إنّما فهم من أصحاب القول بالمرّة المرّة التقييديّة فيكون ما ذكره ردّا عليه ، ولكنّه بعيد ولا سيّما بملاحظة لفظة « فيه » في قوله قبل ذلك : « لم يصدق الامتثال فيما بعدها » لظهورها في كون كلّ من الثانية والثالثة محقّقا للامتثال ، لا أنّه مؤكّدا للامتثال بالأوّل فقط.
حجّة القول بالاشتراك بينهما لفظا ـ على ما حكاه بعض الأجلّة ـ : استعماله فيهما والأصل فيه الحقيقة ، وصحّة التقييد بكلّ منهما ، وحسن الاستفهام بأنّه هل تريد منه المرّة أو التكرار؟
والجواب عن الأوّل : ما مرّ مرارا من أنّ الاستعمال بمجرّده لا يصلح دليلا لكونه أعمّ ، ولو انضمّ إليه مقدّمة الغلبة لكان لنا لا علينا ، لثبوتها في جانب الماهيّة كما يتّضح لمن لاحظ موارد الاستعمالات العرفيّة جيّدا.
وعن الثاني : ما أشرنا إليه إجمالا عند تقرير أدلّتنا من أنّ قضاء صحّة التقييد بالاشتراك فرع انفهام التأكيد عن القضيّة في الجملة ، ولو كانت لها جهة تأسيس أيضا كما يظهر بالتأمّل في قولنا : « العين الجارية » و « العين الباكية » وهذا محلّ منع هنا كما تقدّم.