واحتجّ المتوقّفون * : بمثل ما مرّ ، من أنّه لو ثبت ، لثبت بدليل ، والعقل لا مدخل له ، والآحاد لا تفيد ، والتواتر يمنع الخلاف.
والجواب : على سنن ما سبق بمنع حصر الدليل فيما ذكر ؛ فإنّ سبق المعنى إلى الفهم من اللفظ أمارة وضعه له ، وعدمه دليل على عدمه. وقد بيّنا أنّه لا يتبادر من الأمر إلاّ طلب إيجاد الفعل ، وذلك كاف في إثبات مثله.
__________________
وعن الثالث : بأنّه أعمّ من جميع الأقوال فلا يصلح دليلا على الأخصّ ، فإنّ الاستفهام إنّما يحسن عند قيام الاحتمال راجحا أو مرجوحا أو مساويا بل يجامع القول بالماهيّة أيضا ، فلذا ترى بعض أصحابه مستدلاّ به أيضا كما تقدّم نقله.
* وربّما يذكر لهم الحجّة بعدم ثبوت واحد من الأقوال الثلاثة عندهم.
وجوابه : واضح ممّا ذكره المصنّف في ردّ ما قرّره من الحجّة.
« تذنيب »
اختلفوا في الأمر المعلّق على شرط أو صفة نحو ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )(١) و ( إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(٢) و ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا )(٣) و ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما )(٤) هل يفيد التكرار بتكرّر الشرط والصفة أو لا؟ على أقوال :
أحدها : ما نسب إلى جماعة من أنّه يفيده مطلقا.
وثانيها : ما عن السيّد المرتضى على ما في إحدى النسبتين ـ كما في المنية ـ من أنّه لا يفيده مطلقا ، ولعلّه مأخوذ من إطلاق قوله بعدم الافادة ، وإلاّ فهو من أصحاب القول بإفادته في العلّة خاصّة كما في النسبة الاخرى.
قال في الهداية : بأنّه نصّ في أثناء الكلام في الأدلّة بأنّ الشرط قد يصير مع كونه شرطا علّة فيتكرّر من حيث [ إنّه ] كان علّة لا من حيث كان شرطا.
وفيها أيضا : ويعزى إلى الآمدي مع حكايته الاتّفاق والإجماع على إفادته التكرار في العلّة انّه قال : والاصوليّون من الحنفيّة قالوا : إنّ الأمر المطلق يفيد المرّة ولا يدلّ على
__________________
(١) و (٢) المائدة : ٦.
(٣) النور : ٢.
(٤) المائدة : ٣٨.