والتحقيق : ما أشرنا إليه سابقا من أنّه إن صادف الواقع فمناط الصدق عند إرادة الإلزام إنّما هو العلوّ وإلاّ فلا صدق جزما ولو مع إرادة الإلزام.
وبقي في المقام امور لا بأس بالإشارة إليها :
[ الأمر الأوّل : في الطلب والإرادة ]
منها : اختلفوا في أنّ الطلب المأخوذ في مفهوم « الأمر » هل هو نفس الإرادة أو غيرها على قولين :
وقد حكي أوّلهما عن المعتزلة ، ووافقهم عليه العلاّمة في النهاية والتهذيب والسيّد في شرحه.
والثاني محكيّ عن الأشاعرة وصار إليه بعض الأفاضل ، وكلام اللغويّين وإن كان بظاهره يعطي كونهما مترادفين إلاّ أنّ القطع بملاحظة شهادة العرف وموارد إطلاقات اللفظين حاصل بابتناء ذلك على خلاف التحقيق والتنقيح.
وتحقيق المقام يستدعي رسم مقدّمات :
الاولى : أنّ الإرادة حسبما يساعد عليه العرف يطلق على معان :
أوّلها : ما يرادف الاستعمال وهو استفعال من العمل ، ومعناه أن يطلب من الشيء إفادة ما في الضمير وإفهامه ، فإرادة المعنى من اللفظ عبارة عن استعماله فيه ، بمعنى أن يطلب منه إفادته وإفهامه ، وهي بهذا المعنى مسبوقة بها بالمعنى الآتي ، كما أنّها من الأمور الإضافيّة الّتي لابدّ في تحقّقها من تحقّق شرائط الإضافة من الطالب والمطلوب والمطلوب منه.
وثانيها : ما يقابل الكراهة ، وهي عبارة عن عدم الرضا بالفعل لأجل مفسدة فيه ويعبّر عنه في الفارسيّة بـ « بد داشتن » فالإرادة عبارة عن الرضا بالفعل لأجل مصلحة فيه ويعبّر عنه في الفارسيّة بـ « خوش داشتن » وهي بهذا المعنى ملزومة لها بالمعنى الآتي مسبّبة عنه ، وليست من الامور الإضافيّة بل هي معنى نفسي يحدث بحدوث منشائه.
وبما ذكر من التقرير تبيّن أنّ هذا المعنى لا يتحقّق إلاّ بتصوّر الفعل وتصوّر المصلحة الكامنة فيه الّتي تعدّ من الغايات ، كما تبيّن أنّ الفعل لابدّ من اشتماله على تلك المصلحة ، ومن هنا صار العدليّة بتبعيّة الأحكام للصفات الكامنة.
وثالثها : ما يرادف القصد والنيّة ، والمراد به تصوّر أصل الفعل قبل الإقدام على إيجاده