فائدة *
إذا قلنا : بأنّ الأمر للفور ، ولم يأت المكلّف بالمأمور به في أوّل أوقات الإمكان ؛ فهل يجب عليه الإتيان به في الثاني أم لا؟ ذهب إلى كلّ فريق.
احتجّوا للأوّل : بأنّ الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على الإطلاق * ، وذلك
__________________
ونحوها وعدمه ، والضمان على التأخير لو وكّله في بيع شيء ولو لقبضه فأخّر مع القدرة عليه فتلف ، ونحوه في الوصاية.
وأنت خبير بأنّ الكلّ محلّ نظر لا يخفى وجهه على المتأمّل.
* بعد الفراغ عن أصل المسألة ينبغي التنبيه على بعض ما يرتبط بها ، ويتفرّع على بعض أقوالها ، وهو أمران :
ـ أحدهما ـ
ما أشار إليه المصنّف من الخلاف المبنيّ على القول بأنّ الأمر للفور في أنّه هل يجب على المكلّف إذا لم يأت بالفعل في الوقت الأوّل أن يأتي به في الوقت الثاني وهكذا أم لا؟
والمعروف عندهم في محلّ الخلاف قولان ، صرّح به المصنّف ووافقه بعض الفضلاء ، وهو الظاهر عن بعض الأجلّة أيضا ، إلاّ أنّ بعض الأعاظم جعله رباعي الأقوال ، ثالثها : التفصيل بين أن يقول بدلالة الأمر عليه بنفسه فلا ، وأن يقول بدلالته لما دلّ على وجوب المبادرة إلى امتثال الأوامر ـ كما في الآيتين ـ فنعم ، ورابعها : التوقّف ، وهو الأنسب فإنّ من الأصحاب من صرّح بالتفصيل المذكور كالمصنّف ووافقه على ذلك بعض الأعاظم ، ومنهم من يظهر منه الخلاف كالفاضلين لنقلهما الوجهين فيما يبنى عليه الخلاف من دون ترجيح شيء ، ومثلهما الفخر على ما حكاه بعض الأجلّة.
وأمّا القولان الأوّلان ، فالأوّل منهما محكيّ عن أبي بكر الرازي وأبي الحسين البصري والقاضي عبد الجبّار ، والثاني منهما عن الكرخي وأبي عبدا البصري على ما في كلام بعض الأفاضل.
* ويرد عليه : لو تمّ لدلّ على عدم وجوب الفور (١) رأسا ، وهو كما ترى.
__________________
(١) لأنّ أصحاب القول به يدّعون أنّ الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على سبيل الفور لا على سبيل الإطلاق ، فيكون الدليل منافيا لمذهب المستدلّ كما تنبّه عليه بعض الأفاضل. ( منه عفي عنه ).