المعيّن فلا يتفاوت الحال في ذلك بين كون الدالّ عليهما نفس الصيغة أو دليل خارج وإن كان يقتضي تخصيص المأمور به بالزمان الأوّل خاصّة ، فلا ينفع كون الدالّ عليهما دليلا خارجا عن نفس الصيغة ، كما لو دلّ دليل خارج على كون الواجب موقّتا بوقت معيّن ، فإنّ الواجب يفوت بفواته أيضا عند من يقول بفوات الواجب الموقّت بفوات وقته من غير فرق بين كون الدليل الدالّ على التوقيت خارجا أو لا.
ثمّ إنّ هذا كلّه على القول بالفور ، وأمّا على القول المختار فقد تصير الأوامر فوريّة بمعونة القرائن الخارجة فيكون مؤدّاها واجبات مضيّقة ، كما هو الغالب في الأوامر العرفيّة الواردة غالبا في موضع الاحتياج القاضي بطلب الماهيّة فورا ، فهل الفور حينئذ تقييديّ فلا يبقى للأمر محلّ بعد انقضاء زمان الفور أو تعدّدي فلا يفوت المحلّ بفوات وقت الفور؟
غاية ما هنالك ترتّب إثم على تفويت الفور ، وأمّا الصحّة والإجزاء فباق على حاله ، وجهان أقربهما الثاني.
أمّا أوّلا : فلأنّه المعلوم من بناء العرف وطريقة العقلاء كما أشرنا إليه.
وأمّا ثانيا : فلأنّه من مقتضى إطلاق اللفظ.
وتوضيح ذلك : إنّ الأمر ـ بناء على المختار ـ إنّما يدلّ مع قطع النظر عمّا هو خارج عنه من القرائن العاديّة أو الحاليّة ونحوها على طلب الماهيّة على الإطلاق دلالة وضعيّة وهذا الإطلاق في الطلب يلزمه عرفا بل عقلا باللزوم البيّن أمران.
أحدهما : الرخصة في تأخير أداء المأمور إلى ما شاءه المأمور ممّا يكون الأمر قابلا له من الأزمنة ، من غير أن يترتّب عليه إثم ولا استحقاق عقاب.
وثانيهما : الإجزاء بأدائه في أيّ زمان اتّفق ، بمعنى كونه في كلّ زمان يؤتى به فيه مجزيا عنه وموجبا لفراغ ذمّته عن الأمر والتكليف ، فللأمر حينئذ مداليل ثلاث : أحدها مطابقي ، والآخران التزاميّان ، فإذا حصل من الخارج ما يقضي بإرادة الفور سقط منها الأوسط وبقي الآخران ، لأنّه القدر المتيقّن من انتقاض الإطلاق الثابت في المقام بحكم الوضع ، فهو بالقياس إلى المدلول الآخر التزاما وهو الصحّة والإجزاء باق على حاله كبقاء المدلول المطابقي.
ويؤيّده استصحاب الأمر ، ولا يعارضه أصل البراءة كما تقدّم ، وهذا معنى الفور التعدّدي.
فإن قلت : لعلّ هذا باطل نظرا إلى أنّ الالتزاميّين متلازمان فارتفاع أحدهما يستلزم