فيردّه : أنّ العقل في خصوص المقام قاض بالتعيين تحصيلا للقطع بالبراءة لدفع الضرر المحتمل.
وإن أراد به التخيير العقلي الثابت في مواضع الاشتباه كما في اشتباه المطلّقة بالمنذورة وطؤها.
فيردّه : أنّه مبنيّ على الدوران بين المحذورين ، بأن لا يكون في المقام قدر متيقّن ممّا يحصل به الامتثال كما في المثال ، وهو هنا موجود لكون الفرد الاختياري ممّا يفيد القطع بالامتثال.
وبالجملة العقل لا يقضي بالتخيير إلاّ إذا انحصر المناص فيه ، والمقام ليس منه جزما.
ثمّ بقي في المقام فروع :
أحدها : ما لو كان المكلّف في أوّل الوقت مريضا مأمورا بالعبادة غير قادر على الاختياريّة ، وكان عالما أو ظانّا بأنّه لو بادر إلى المعالجة لارتفع المرض ويكون عبادته اختياريّة ، فهل يجب عليه المبادرة إليها أو لا؟ مقتضى الإطلاق وأصالة البراءة عن التكليف الزائد هو العدم ، ولا يجري هنا قاعدة الاشتغال لعدم القطع بثبوته في تلك الحال إلاّ بالنسبة إلى الاضطراريّة ، ولا تأثير لانصراف الإطلاق إلى الاختياريّة ، بل لا انصراف مع كون الحال عن أوّل الوقت هذا ، ولا يجري قاعدة وجوب المقدّمة أيضا ـ على فرض تسليمه في غير المقام ـ لأنّه فرع وجوب ذيها وهو غير ثابت ، بل الثابت خلافه.
نعم لو كان الوجوب بالنسبة إلى الاختياريّة ثابتا لكان الاحتمال الأوّل التفاتا إلى وجوب مقدّمة الواجب متجّها.
وثانيها : لو علم أو ظنّ بتبدّل حالة الاختيار إلى الاضطرار قبل الوقت ، أو قبل تعلّق الوجوب بالذمّة ، كما إذا علم قبل الوقت بأنّه إن لم يتطهّر بالماء حينئذ لا يمكنه ذلك بعد دخول الوقت ، سواء علم أو ظنّ بتضيّق المأمور به بالعرض في أوّل تعلّق الخطاب أو لم يعلم ، أو علم ببقائه على التوسعة الأصليّة ـ وأمّا المضيّق بالأصالة كصوم نهار رمضان فهو خارج عن عنوان المسألة لكون الكلام في الواجبات الموسّعة ـ فهل يجب عليه في الصورة المفروضة تحصيل ما له مدخل في حالة الاختيار مقدّمة لكون عبادته بعد دخول الوقت اختياريّة أو لا؟
عدم الوجوب فيه أوضح منه في سابقه كما يظهر بأدنى تأمّل ، وأصالة البراءة سليمة