ولا ينبغي دفعه بإبداء الفرق بين ما يترتّب من العدم على العدم بواسطة أو بلا واسطة. والمقصود من الحدّ هو الثاني والمفروض في مورد النقض هو الأوّل ، نظرا إلى أنّ اللازم أوّلا إنّما هو عدم الشرط وعدم المشروط مترتّب عليه لا على عدم جزء السبب لكونه تكلّفا.
وربّما يحكى عن القواعد الشهيديّة تعريف الشرط : بما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته ، ولا يشتمل على شيء من المناسبة في ذاته بل في غيره.
فأخرج بالأوّل المانع ، وبالثاني السبب ، كما احترز بالثالث عن مقارنة وجوده لوجود السبب أو قيام المانع فيلزم الوجود أو العدم لكن لا لذاته بل لأمر آخر ، وبالرابع عن جزء العلّة فإنّه يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ، إلاّ أنّه اشتمل على جزء المناسب فإنّ جزء المناسب مناسب هكذا نقل بعض الأعاظم فعقّبه بإيرادات بعضها غير وارد ، وورود بعضها الآخر والعدم مبنيّ على ملاحظة عبارة القواعد بنفسها ولم تكن تحضرنا وما تيسّر لنا الوصول إليها بعد الفحص التامّ لنستعلم ما هو حقيقة المرام.
ثمّ إنّ المقدّمة سببا كانت أو شرطا لابدّ لها من حاكم بمقدّميتها ، فهي بهذا الاعتبار إمّا عقليّة أو عاديّة أو شرعيّة.
والاولى مقدمة يكون وجود ذيها بدونها محالا عند العقل ، كالنظر المحصّل للعلم الواجب في السبب ، وترك الضدّ الّذي يستحيل فعل الضدّ بدونه عقلا في الشرط.
والثانية مقدّمة يكون وجود ذيها بدونها محالا عادة ، كجزّ الرقبة للقتل الواجب في السبب ، ونصب السلّم للصعود على السطح في الشرط.
وأمّا التدرّج على درجات السلم فهو من السبب العادي ، فإنّ العادة في كلّ ذلك قاضية باستحالة القتل والصعود بدون الجزّ والنصب والتدرّج وإلاّ فالعقل لا يأبى عن ذلك ، لإمكانه بالخنق والطيران ونحوهما.
والثالثة مقدّمة بكون وجود ذيها بدونها محالا عند الشرع وفي نظر الشارع ، وهي في الأسباب كالصيغة للعتق ، والوضوء والغسل والتيمّم للطهارة ، وفي الشروط كالطهارة للصلاة.
وربّما يقال : بأنّ مرجع ذلك أيضا إلى المقدّمة العقليّة ، لأنّ الموقوف على الطهارة ليس ذات الصلاة بل الصلاة المصحوبة للطهارة ، ووجودها بدون الطهارة أو بدون الوضوء محال عقلا ، فإنّ العقل يحكم بتوقّف وجود الصلاة مع الطهارة على الطهارة والوضوء ، إلاّ أنّ منشأ ذلك التوقّف هو الشرع حيث جعل الواجب الصلاة مع الطهارة ، ولعلّه أوجب تسمية الطهارة والوضوء