وجهه في ذيل المسألة.
ثمّ إنّه قد عرفت أنّ المقدّمة إمّا داخليّة أو خارجيّة ، والأوّل هو الجزء لتوقّف الكلّ عليه ، وفي وقوعه محلاّ للخلاف كغيره من سائر مقدّمات الوجود وعدمه خلاف بين الاصوليّين.
فعن بعضهم نفي الخلاف عن الوجوب في الجزء لدلالة الواجب عليه تضمّنا.
ومن الأعلام من صرّح بكون الكلام فيه كالكلام في سائر المقدّمات ، مصرّحا بأنّ القدر المسلّم من الدلالة على وجوبه هو التبعي إلاّ أن ينصّ عليه بالخصوص بعنوان الوجوب ، ومعترضا على القول الأوّل بمنع دلالة الواجب على وجوب الجزء تضمّنا.
ومن الفضلاء من صرّح بأنّ كلّ جزء من الأجزاء واجب بالوجوب النفسي والغيري باعتبارين ، فباعتبار كونه في ضمن المركّب واجب نفسي ، فإنّ المركّب عبارة عن نفس الأجزاء وإلاّ لم يكن مركّبا ، فوجوبه عبارة عن وجوبها ، لكن تعلّق الوجوب بكلّ جزء حينئذ ليس مستقلاّ بل في ضمن الكلّ ، فالدالّ على طلب الكلّ بالمطابقة دالّ على طلب الجزء بهذا الاعتبار أيضا بالمطابقة ، وإن كان الدالّ على متعلّقه الأوّل ـ وهو الكلّ ـ بالمطابقة دالاّ على متعلّقه الثاني ـ وهو الجزء ـ بالتضمّن ، وباعتبار كونه ممّا يتوصّل به إلى الكلّ واجب غيري لتوقّفه عليه ، ضرورة أنّ وجود المركّب مسبوق بوجود أجزائه فيدلّ الأمر به على الأمر بها بالاستلزام ، فيتعلّق الوجوب بها على الاستقلال وليس بالتضمّن لأنّ الوجوب النفسي بسيط وإن تعلّق بمركّب فلا يتركّب من وجوبات غيريّة.
وأفادنا بعض مشايخنا : دام ظلّه أنّ الجزء إذا لا حظناه في حدّ نفسه مع قطع النظر عن وجوده في ضمن الكلّ كان قابلا لوقوعه محلاّ للخلاف ، إلاّ أنّه مجرّد فرض لا يكاد يتعقّل ، لأنّ المراد بالجزء هاهنا ليس ذات الجزء حتّى يعقل انفكاكه عن الكلّ فيجري فيه الخلاف ، بل الجزء بعنوان الجزئيّة ـ أي مع اتّصاف كونه جزءا ـ وهو بهذا المعنى لا ينفكّ عن الكلّ ، لأنّ وجوده عين وجود الكلّ كما أنّ وجود الكلّ نفس وجوده ، فلا يعقل حينئذ عدم كونه واجبا مع وجوب الكلّ بل يصير واجبا بوجوبه في ضمنه ، فلا معنى للثمرة الّتي ذكرها بعض الأعلام عن العلاّمة من جواز الصلاة في الدار المغصوبة ، من جهة أنّ الكون الّذي هو جزء الصلاة واجب بسبب وجوب الواجب وهو الصلاة ، فلا يجوز أن يكون منهيّا عنه لاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد شخصي ، لضرورة أنّ الكون الّذي هو جزء الصلاة يستحيل وقوعه منهيّا عنه على القول بعدم وجوب المقدّمة أيضا ، لما هو المفروض من أنّ الأجزاء