من أنّ الأجزاء لا وجود لها إلاّ عين وجود الصلاة فإذا فرض وقوعها منهيّا عنها لزم أن يقع الصلاة أيضا منهيّا عنها ، إذ ليس لها وجود سوى وجود الأجزاء وهو على القول بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي محال كما لا يخفى.
وبقيّة ما يتعلّق من الكلام بهذا المراد ستأتي في ذيل المسألة إن شاء الله تعالى.
المبحث الثاني
فيما يتعلّق بالكلمة الثانية من أجزاء القضيّة ، أعني « الواجب » الّذي أضيف إليه المقدّمة.
فالواجب لغة : اللازم ، والساقط ، ومن موارد استعمال الأوّل « وجب البيع وأوجبه » ومن الثاني « وجب الحائط » ومنه قوله تعالى : ( وَجَبَتْ جُنُوبُها )(١) أي سقطت إلى الأرض على ما قيل.
واصطلاحا يطلق على ما يطلب فعله بمتأكّد الطلب ، أو يطلب فعله ويمنع عن تركه ، وعلى ما أوجب تركه استحقاق ذمّ أو عقوبة في الجملة ، واختلفت كلمتهم في تحديد هذا المعنى ، فالعلاّمة في التهذيب : ما يذمّ تاركه مذيّلا له بقوله : ولا يرد المخيّر والموسّع والكفاية لأنّ الواجب في المخيّر والموسّع الأمر الكلّي ، وفي الكفاية فعل كلّ واحد يقوم مقام الآخر فكان التارك فاعل ، أو يراد في الحدّ لا إلى بدل ، يعني : أنّ الواجب في المخيّر ما يتناول الخصال المتعدّدة لا أنّ كلّ واحد بالخصوص هو الواجب حتّى يخرج به الحدّ غير منعكس ، وفي الموسّع إيقاع العبادة في تمام الوقت وهذا أمر كلّي صادق على إيقاعها في أوّل الوقت ووسطه وآخره. وفي الكفاية يقوم كلّ واحد من المكلّفين مقام الباقين في الفعل فتاركهم فاعل لوجود من قام مقامه.
ولمّا كان ذلك يحتاج إلى نوع تكلّف فذكر وجها آخر ليندفع به النقض بالواجب على الكفاية بلا تكلّف وهو انضمام قيد « لا إلى بدل » إلى ما ذكر فيقال : ما يذمّ تاركه لا إلى بدل ، ولا يخفى أنّه يدفع النقض بالمخيّر والموسّع أيضا من غير حاجة إلى اعتبار كون الواجب فيهما أمرا كلّيّا.
وقيل : المراد بالتارك والفاعل من هو مخاطب بالترك والفعل ، ولا يتوهّم صدق التعريف على تروك البهائم وأفعالهنّ.
وبعضهم ـ على ما حكي عنه ـ ما يعاقب تاركه.
__________________
(١) الحج : ٢٦.