السلب متّضح الفساد ، لأنّ المراد به هنا أيضا ما تلبّس بالمبدأ بحسب النوع ، لأنّ في النوع من حصل له شرط الوجوب فعلا لا محالة وإن لم يعلم بالتفصيل ، فإطلاق الواجب عليه إنّما هو من جهة كونه ما تلبّس بالمبدأ نوعا ، فلذلك لو أضافه الغير الواجد للشرط إلى نفسه يصحّ له السلب.
أو يقال : إنّ هذا الإطلاق إنّما يرد على الاصطلاح ، ولا ملازمة بينه وبين العرف واللغة.
والعجب عن بعض مشايخنا ـ دام ظلّه العالي ـ في تصريحه بما قرّرناه مع ذهابه في الأمر إلى كونه حقيقة في الأعمّ من المطلق والمقيّد وهو الأمر المردّد بينهما القابل لكلّ من اعتباري الإطلاق والتقييد ، فإنّ الجمع بين هذين الكلامين ممّا لا يكاد يمكن ، إذ الواجب ليس له مبدأ إلاّ الوجوب وهو في كونه مفادا للأمر إذا كان أعمّ من المطلق والمقيّد ـ المعبّر عنهما بالمنجّز والمشروط ـ فكان في وقوعه مبدأ للواجب أيضا أعمّ ، ضرورة أنّه أثر من الأمر متعلّق بذات الواجب.
وقضيّة ذلك ورود الواجب تارة لما تلبّس بالوجوب المنجّز واخرى لما تلبّس بالوجوب المشروط.
والمفروض أنّهما فردان على طريق الحقيقة ، فلابدّ أن يكون المشتقّ منهما أيضا واردا على طريق الحقيقة في معنييه المستعمل فيهما ، إذ لا يراد بالواجب ما لم يتعلّق به وجوب أصلا حتّى يكون من باب ما لم يتلبّس بعد بالمبدأ.
نعم يتّجه المنع عن الحقيقيّة في الثاني إذا توجّه المنع عن كون الوجوب المشروط فردا حقيقيّا لما يستفاد عن الأمر كما سنحقّقه.
وهل الأصل في الوجوب هو الإطلاق أو لا؟ ولمّا كان الوجوب يستفاد تارة من دليل لفظي ، واخرى من دليل لبّي فلابدّ من النظر إلى ما هو من مقتضى الأصل فيهما معا فيقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : فيما يستفاد من الوجوب من الأدلّة اللفظيّة من مادّتي الأمر والوجوب كانت أو من الصيغة ، فهل الأصل فيه حيثما كان عاريا عن الاقتران بقيد كونه مطلقا أو لا؟ ووهاهنا عنوان آخر ، وهو أنّ الأمر إذا قيّد بشيء فهل الأصل كونه قيدا للواجب أو الوجوب؟ وعنوان ثالث وهو أنّ الأمر إذا اشتمل بحسب اللفظ على ما علم أنّه ليس بمقدّمة وجوده بالمعنى المعروف ، فهل يتقيّد به الوجوب المستفاد منه فيثبت مع حصوله