البحث الأوّل
في الأوامر *
__________________
ومن هنا تقرّر أنّ ما في كلام علماء الاصول في بحث أمارات الحقيقة والمجاز من عدّ بعضهم الاختلاف في صيغة الجمع من أمارات المجاز ، ممثّلين له بلفظ « الأمر » الّذي يجمع بمعنى القول المخصوص ـ الّذي هو حقيقة فيه ـ على « أوامر » وبمعنى الفعل ـ الّذي يشكّ في كونه حقيقة فيه ـ على « امور » فيكون مجازا فيه ، مع تقرير الآخرين إيّاه في دعوى كون جمعه على « أوامر » من دون قيام بمنعها لا ينهض دليلا على مجيئه على هذا الوزن بعد ما ذكر من الشواهد المعتبرة ، لابتنائه على ما أشرنا إليه من التصرّف المحدث الجاري على خلاف القانون.
وأمّا ما عن بعض فضلاء طلبة الدهر في توجيه ذلك من احتمال كونهما في كلامهم أيضا جمع « آمرة » و « ناهية » بإضمار لفظة « صيغة » ومثله ما حكي القول به في كلام بعض الأفاضل.
ففيه : مع أنّه تكلّف بارد مناف لتصريحاتهم ، أنّه لا يستقيم إلاّ بفرض « الآمرة » و « الناهية » وصفين للصيغة بدعوى : التجوّز في الإسناد ، أو اسمين لها بدعوى طروّ النقل والوضع الجديد في اصطلاحهم ، كما ادّعي نظيره في صيغة « افعل » بالقياس إلى كلّ فعل « أمر » والالتزام بهما كما ترى دونه أصعب من خرط القتاد ، وظنّي أنّ كون ذلك جريا على خلاف القانون ـ وفاقا لما نصّ عليه غير واحد من فضلاء أهل الفنّ ـ أولى من تلك التكلّفات الواهية.
نعم ، فيه احتمال كونه جمعا لل « أمور » على حدّ جمع الجمع ـ كما حكى القول به في الإحكام ـ غير أنّه يضعّف : بأنّه لو كان كذلك لكان جاريا مجرى « الامور » في الاستعمالات وليس كذلك ، لاختصاصه بالأقوال واختصاص « الامور » بالأفعال ، مع أنّه لو صحّ ذلك لما كان صادقا على أقلّ من تسعة كما هو القانون في جمع الجمع ـ على ما نصّوا به ـ وليس كذلك ، كما يشهد به ملاحظة الاستعمالات.
* وفيه مطلبان :
المطلب الأوّل
ما يتعلّق من البحث بحال مادّة الأمر
وقد أسقطه عن البين جماعة منهم المصنّف ، إمّا لزعم قلّة الجدوى في التعرّض لحكمه ،