الوجوب أو الواجب فلابدّ حينئذ من إعمال واحد من أصلي البراءة والاشتغال ، إذ الشكّ المفروض إن حدث قبل حصول الشرط يحكم بكونه شرطا للوجوب ، أخذا بموجب أصل البراءة النافي لاحتمال الوجوب اللازم للاشتراط ، وإن كان بعد حصوله يحكم بكونه شرطا للوجود حينئذ عملا بمقتضى أصل الاشتغال ، فالقطع بالامتثال بعد ثبوته بالاشتغال لا يحصل إلاّ به.
المطلب الثاني
فيما يتعلّق بالواجب باعتبار انقسامه إلى النفسي والغيري
واعلم أنّ الواجب قد يؤمر به للتوصّل إلى غاية مأمور بها ، كالصلاة بالقياس إلى التقرّب الّذي يعدّ غاية الغايات المأمور به كتابا وسنّة بل إجماعا وعقلا.
وقد يؤمر به لأجل غاية غير مأمور بها ، كالصوم بالإضافة إلى تصفية الباطن الّتي لم تؤمر بها إلاّ أنّها غاية مطلوبه من الأمر بالصوم.
وقد يؤمر به لأجل التوصّل إلى واجب آخر بالوجوب الفعلي كالوضوء بالنظر إلى الصلاة المأمور بها بعد دخول الوقت.
وقد يؤمر به لأجل التوصّل إلى ما سيصير واجبا كالأمر بالمقدّمات قبل الأمر بذي المقدّمات لعدم دخول وقته ، على القول بجواز تقدّم وجوبها على وجوب ذيها ومنه الغسل عن الجنابة في ليلة الصيام ، فهذه أربعة صور :
أوّلها وثانيها من الواجب النفسي ، وثالثها من الغيري ، وأمّا الأخير وإن كان قد يتخيّل في بادئ النظر خروجه عن القسمين ، ولكن تعمّق النظر يقضي باندراجه في القسم الثاني ، إذ لا يرتاب في أنّ الأمر لم ينشأ إلاّ عن الأمر بذي المقدّمة وإن لم يكن فعليّا ، بناء على كفاية التأخّر الرتبي في الترتّب فلا ينافيه التقدّم الزماني.
فقد تقرّر ممّا ذكر : أنّ الواجب النفسي ما امر به لمطلوبيّة نفسه ، والغيري ما امر به لمطلوبيّة غيره.
وإن شئت فقل في الأوّل : ما امر به لأجل نفسه أو ما وجب لنفسه.
وفي الثاني : ما امر به لأجل الأمر بغيره ، أو ما وجب لوجوب غيره ، أو لواجب غيره.
ولا ينتقض الثاني في طرده بالصورة الاولى ممّا ذكر لأنّ الأمر فيها ليس من جهة الأمر بالغاية وإن كان الحامل على الأمر هو ذات الغاية ومثل ذلك لا ينافي نفسيّة الواجب والاّ لأنتفى الواجب النفسي بالمرّة ، إذ ما من واجب إلاّ وله غاية داعية إلى إيجابه كما لا يخفى.