الوقت ليس مصداقا للواجب لعدم قصد الامتثال به ، ولا للمندوب لعدم الأمر به من جهة عدم جواز اجتماعه مع الوجوب.
وأنت خبير بأنّ الاعتراض على تقدير صحّته إنّما يتوجّه على ما اخترناه من عدم اعتبار قصد الامتثال بذي المقدّمة في حصول امتثال الأمر بالمقدّمة.
وأمّا على ضابطة من يراه معتبرا فلا ، لكون النسبة حينئذ بين المقدّمتين عموم من وجه فيجتمعان فيما لو قصد بالمقدّمة امتثال الأمر بالصلاة الواجبة وامتثال الأمر بالقراءة المندوبة ويفترقان فيما لو قصد بها الامتثال بأحدهما خاصّة.
والعجب عن الشيخ الاستاد ـ دام ظلّه ـ كيف غفل عن ذلك فالتزم بورود الاعتراض ، مع ذهابه فيما تقدّم إلى اعتبار القصد المذكور في امتثال الأمر بالمقدّمة ، فإنّ هذا القصد على ذلك التقدير منوّع للموضوع ، ومعه يرتفع التلازم كما لا يخفى.
ويمكن الذبّ عن الاعتراض ـ على ما اخترناه أيضا ـ : بمنع حصر تعدّد العنوان الموجب لتعدّد الحكم فيما ذكر من القسمين ، فإنّ العنوانين قد يكونان متبائنين بالتبائن الكلّي مع اشتراكهما في خاصّة واحدة يعبّر عنها باللازم الواحد كالوضوء ، فإنّه مصداق للمقدّمة الواجبة إذا قصد به امتثال الأمر الإيجابي المتعلّق به ومصداق للمقدّمة المندوبة إذا قصد به امتثال الأمر الاستحبابي المتعلّق به ، وهما وإن كانا متبائنين إلاّ أنّهما يشتركان في لازم واحد وهو كونهما محصّلين للطهارة المبيحة للصلاة ، بل مقدّمة الصلاة في الحقيقة هي الطهارة كما عرفت.
والوضوء على أحد الوجهين مقدّمة للمقدّمة ، فالمكلّف إذا أتى بالوضوء المندوب لأجل القراءة بقصد الاستحباب فقد أتى بما يحصل معه مقدّمة الصلاة أيضا وهي الطهارة ، كما أنّه لو أتى بالوضوء الواجب بقصد الوجوب وأتى بما يحصل به المقدّمة فلا يلزم من فرض كون الإتيان بالوضوء للقراءة امتثالا للأمر الاستحبابي اجتماع حكمين متضادّين ، ولا يكون ذلك مبنيّا على جواز اجتماع الوجوب والاستحباب في شيء واحد ، كما لا يخفى.
اللهمّ إلاّ أن ينقل الكلام إلى الطهارة الّتي هي لازم لقسمي الوضوء ، ويقال : إنّها واجبة ومندوبة بالإضافة إلى الصلاة والقراءة ، والمحذور لازم على هذا التوجيه أيضا.
ويمكن دفعه : بأنّ الطهارة بنفسها حكم وضعي متولّد عن الحكم التكليفي فلا يصلح معروضا للحكم التكليفي ، ولا ينافيه تعلّق الأمر به في بعض الأحيان كما في قوله : « تطهّر للصلاة » مثلا لأنّه راجع ـ على التحقيق ـ إلى إيجاد سببها ، كيف وهي من الأحوال الصرفة