فلنعد إلى البحث في المعنى المعروف ، والحجّة لحكم السبب فيه : أنّه ليس محلّ خلاف يعرف * ، بل ادّعى بعضهم فيه الإجماع ، وأنّ القدرة غير حاصلة مع المسبّبات فيبعد تعلّق التكليف بها وحدها.
__________________
الأمر به مطلقا ، فهل الأصل فيه كون الأمر مطلقا والمقدّمة قيدا في المأمور به أو لا؟ فغير السيّد على الأوّل ، وهو على الثاني حيث بنى على الوقف.
وثانيهما : كبروي واقع بين أصحاب الأقوال في تلك المسألة ، وهو أنّ مقدّمات الواجب المطلق هل تجب بوجوبه مطلقا أو لا مطلقا أو يفصّل ، والمعنى المعروف في الكتب المشهورة قول في النزاع الكبروي ، وما اختاره السيّد في العبارة المزبورة قول في النزاع الصغروي وبينهما بون بعيد ، فهو في الحقيقة موافق للمشهور في الكبرى ، وهو إطلاق القول بوجوب المقدّمة إذا ثبت كونها مقدّمة وجوديّة ، والأمر بالنسبة إليها مطلقا.
ولا ينافيه مصيره إلى التوقّف في الصغرى لشبهة عرضت له فلا وجه لإسناد القول بالفرق بين السبب وغيره في الوجوب إليه كما هو المعنى المعروف في الكتب.
* والمراد بالمعنى المعروف ما عرفت من وجوب المقدّمة إذا كانت سببا دون غيره ، والضميران عائدان إلى الحكم وهو وجوب السبب ، والعبارة تتضمّن وجهين بل وجوها من الأدلّة على وجوب السبب.
الأوّل : عدم معروفيّة الخلاف في وجوبه.
الثاني : الإجماع الّذي نقله جماعة منهم الآمدي.
الثالث : أنّ القدرة غير حاصلة مع المسبّبات فيبعد تعلّق التكليف بها وحدها.
وفي كلام الأكثر تقرير هذا الدليل : بأنّ وجود المسبّب عند وجود السبب ضروري وعند عدمه ممتنع ، فلا يمكن تعلّق التكليف به لكونه غير مقدور ، وقيل : بأنّ ذلك هو العمدة فيما بينهم وعليه تعويل الأكثر.
وربّما يستدلّ له بوجه رابع وهو : أنّ التوصّل إلى الواجب واجب إجماعا وليس بشرط لما دلّ على عدم وجوبه ، فتعيّن السبب فيكون واجبا.
ووجه خامس : وهو أنّ الطلب إنّما يتعلّق بفعل المكلّف وهو الحركة الإراديّة الصادرة عنه التابعة لتحريك القوى المنبثّة في العضلات.
وأمّا الامور التابعة لتلك الحركات المعلولة لها فليست فعلا للمكلّف ، بل فعل المكلّف