حقيقة في الوجوب فقط بحسب اللّغة على الأقوى *
__________________
النظر في اللفظ على الوجه الأعمّ ، ولا نوع اللفظ من حيث هو لئلاّ ينتقض القاعدة المذكورة فليتدبّر.
* وكثيرا مّا يعبّر عنه بالإيجاب ، وظاهر الأصحاب عدم الفرق بينهما إلاّ بالاعتبار ، فإنّ الصادر من الآمر واحد إلاّ أنّه إن قيس إليه باعتبار صدوره عنه كان إيجابا ، وإن قيس إليه باعتبار الفعل من جهة قيامه به كان وجوبا ، فهما متّحدان ذاتا متغائران اعتبارا ـ كما صرّح به بعض الأفاضل وكذلك أخوه في كتابيهما (١) ـ وعلى هذا القياس اللزوم والإلزام كما في الثاني ، وربّما يفرّق بينهما باختصاص الأوّل بما لو صدرت الصيغة من العالي بخلاف الثاني ، ولعلّه مبنيّ على تفسير الوجوب بكون الفعل بحيث يستحقّ فاعله المدح والثواب وتاركه الذمّ والعقاب ، والإيجاب بطلب الفعل مع عدم الرضا بتركه ، وإلاّ فعلى تفسير الثاني أيضا بالأوّل أو الأوّل بالثاني لا يستقيم ذلك جزما.
وربّما يذكر بينهما فرق آخر وهو أنّ الإيجاب دلالة « الأمر » على أنّ الآمر أوجب الفعل المأمور به والوجوب دلالة « الأمر » على أنّ المأمور به له صفة الوجوب كما في النهاية والمنية ، حتّى أنّهما جعلا كون الصيغة للإيجاب أو للوجوب خلافا آخر وعدّا كلاّ منهما قولا برأسه.
وفي الأوّل أنّ الخلاف في ذلك بين الأشاعرة والمعتزلة ، ولعلّه مبنيّ على الخلاف المشهور بينهما في حسن الأشياء وقبحها باعتبار كونهما شرعيّين أو عقليّين.
فعلى الأوّل ـ كما عليه الأشاعرة ـ لا يكون في الواجب صفة يدركها العقل ولو شأنا مقتضية للوجوب ، وإنّما هو إيجاب حصل من حكم الشارع الّذي لولاه لما كان الفعل بالذات صالحا له.
وعلى الثاني ـ كما عليه المعتزلة ـ يكون في الواجب صفة مقتضية للوجوب يدركها العقل ولو بكشف الشرع عنها في غير مستقلاّته.
وأنت خبير بما في جميع ذلك ، أمّا في الأخيرين فواضح ، وأمّا في الأوّل فلأنّ الفعل والكيف عرضان متغايران بالذات والاعتبار معا.
__________________
(١) وهما الشيخ محمّد تقي صاحب هداية المسترشدين وأخيه الشيخ محمّد حسين الإصفهاني صاحب الفصول رحمهما الله تعالى ، راجع هداية المسترشدين ١ : ٦٠٣ والفصول الغرويّة : ٦٩.